التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إثم المار بين يدي المصلي

          ░101▒ باب إِثْمِ المَارِّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي.
          510- ذكر فيه حديث أبي جُهيم مرفوعًا: (لوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَي المُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِن الإثم لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ) قالَ أَبُو النَّضْرِ: لَا أَدْرِي قَالَ: أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً؟ الكلام عليه مِن أوجهٍ:
          أحدها: هذا الحديث أخرجه مسلمٌ والأربعة أيضًا هنا.
          ثانيها: (خَيْرًا) بالنَّصب، كذا في روايتنا على أنَّه الخبر. ورُوي بالضَّمِّ على أنَّه اسم كان.
          ثالثها: (أَبُو جُهَيْمٍ) اسمه: عبد الله بن جُهَيمٍ. وفرَّق أبو عمر بينه وبين أبي جُهَيمٍ بن الحارث بن الصُّمَّة. وقال غيره: إنَّهما واحدٌ. و(أَبُو النَّضْرِ) اسمه سالم بن أبي أميَّة تابعيٌّ ثقةٌ، مات بعد المائة سنة تسعٍ وعشرين.
          رابعها: هذا شكٌّ مِن أبي النَّضر، وروى البزَّار: ((أربعين خريفًا)). وذكر ابن أبي شَيبةَ فيه وابن حِبَّان في «صحيحه» مِن حديث أبي هريرةَ: ((لكانَ أنْ يقفَ مائةَ عامٍ خيرًا له)).
          قَالَ الطَّحاويُّ: هذا متأخرٌ عن حديث أبي جُهَيمٍ. وأولى الأشياء أن نظنَّه بالله تعالى الزيادة في الوعيد للعاصي / المارِّ لا التَّخفيف. وقال كعبُ الأحبار: كان أن يُخسف به خيرٌ مِن أن يمرَّ بين يديه، وكلُّ هذا تغليظٌ وتشديدٌ.
          خامسها: الحديث دالٌّ على أنَّ الإثم إنَّما يكون على مَن علم النَّهي وارتكبه مستخفًّا به، ومتى لم يعلم النَّهي فلا إثمَ عليه.
          وقوله: (مَاذَا عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ؟) هو هكذا ثابتٌ في بعض روايات أبي ذرٍّ عن أبي الهيثم. وعليه مشى شيخُنا علاء الدِّين في «شرحه». وأمَّا شيخنا قطب الدِّين فقال في «شرحه»: قوله (مَاذَا عَلَيْهِ؟) يعني: مِن الإثم.
          وفي الحديث أيضًا: طلب العلم؛ لقوله: (أَرْسَلَ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ)، وجواز الاستنابة فيه، وأخذ العلماء بعضهم عن بعضٍ، والاقتصار على النُّزول مع القدرة على العلوّ؛ِ لإرسال زيد بن خالدٍ بُسرَ بن سعيدٍ إلى أبي جُهَيمٍ، ولو طلب العلوَّ لسعى إلى أبي جُهَيمٍ.
          وفيه: قبول خبر الواحد.