التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الصلاة في الخفاف

          ░25▒ بَابُ الصَّلَاةِ فِي الخِفَافِ
          ذكرَ فيهِ حديثَ جَرِيْرٍ والمُغِيْرَةَ في المسح على الخُفَّيْنِ.
          387- أمَّا حديثُ جَرِيْرٍ فساقه مِنْ حديثِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بنِ الحَارِثِ، قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرَ بنَ عَبْدِ اللهِ بَالَ، ثمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثمَّ قَامَ فَصَلَّى فَسُئِلَ، فَقَالَ: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلعم صَنَعَ مِثْلَ هَذَا، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ لِأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ).
          وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا، ورواه التِّرْمِذِيُّ والنَّسَائِيُّ وابنُ مَاجَهْ.
          ورواه أيضًا أبو داودَ مِنْ جهة بَكْرِ بنِ عاصمٍ عن أبي زُرْعَةَ بنِ عَمْرِو بنِ جَرِيْرٍ بلفظ: ((أَنَّ جَرِيْرًا بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ، وَقَالَ: مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَمْسَحَ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم مَسَحَ؟ قَالُوا: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ المَائِدَةِ، قَالَ: مَا أَسْلَمْتُ إِلَّا بَعْدَ نُزُولِ المَائِدَةِ))، ورواه الطَّبَرَانِيُّ في «معجمه الأوسط» مِنْ حديث رِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ عنه قالَ: ((وَضَّأْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم، فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ بَعْدَ مَا نَزَلَتْ سُوْرَةُ المَائِدَةِ))، ثمَّ قال: لم يروه عن حَمَّادِ بنِ أبي سُلَيْمَانَ عن رِبْعِيٍّ إلَّا ياسينَ الزَّيَّاتِ، تفرَّد به عبدُ الرَّزَّاقِ، وياسينُ مُتَكَلِّمٌ فيه.
          وفي روايةٌ له مِنْ حديث مُحَمَّدِ بنِ سِيرِينَ عنه: ((أنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم في حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَذَهَبَ النَّبيُّ صلعم يَتَبَرَّزُ، فَرَجَعَ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ)) ثمَّ قال: لم يروه عن مُحَمَّدِ بنِ سِيرِينَ إلَّا خالدٌ الحَذَّاءُ ولا عن خالدٍ إلَّا حَرْبُ بنُ سُرَيْجٍ، تفرَّد به شَيْبَانُ بنُ فَرُّوخَ.
          وقوله: (فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ) إلى آخره، وفي روايةٍ أخرى: فكان أصحاب عبدِ اللهِ يعجبهم هذا الحديث؛ لأنَّ إسلام جَرِيْرٍ كان بعد نزول المائدة، وفي روايةٍ قال الأَعْمَشُ: قالَ إبراهيمُ، وفي «سُنَنِ البَيْهَقِيِّ» عن إبراهيمَ بنِ أَدْهَمَ قال: ما سمعت في المسح على الخُفَّين أحسن مِنْ حديث جَرِيْرِ بنِ عبدِ اللهِ، وكان إعجابهم لذلك لأنَّ الله تعالى قال في سورة المائدة: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} إلى قوله: {إِلَى الكَعْبَيْنِ} [المائدة:6] فلو كان إسلام جَرِيْرٍ متقدِّمًا على نزول المائدة لاحتمل كون حديث جَرِيْرٍ في مسح الخُفِّ منسوخًا بآية المائدة، فلمَّا كان إسلامه متأخِّرًا عُلِمَ أن حديثه يُعْمَلُ به، وهو مبيِّنٌ أنَّ المراد بآية المائدة غير صاحب الخُفِّ، فتكون السُّنَّة مخصِّصةٌ للآية.
          388- وأمَّا حديث المُغِيْرَةِ فأخرجه مِنْ طريق مَسْرُوقٍ عنه: (وَضَّأْتُ النَّبِيَّ صلعم فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَصَلَّى).
          وهذا الحديث سيأتي في الصَّلاة [خ¦363] والجهاد [خ¦2918] واللِّباس أيضًا [خ¦5798] [خ¦5799]، وأخرجه مسلمٌ أيضًا، وقد سلف فقه الباب في بابه. وهذا الباب كالباب الَّذي قبله فيه تخمير الرِّجْلَيْنِ ومشروعيَّة الصَّلاة في الخِفَاف، ولاشكَّ في ذلك إذا كانت طاهرةً، فإن كان فيهما قذرٌ فحكمه حكم النَّعل، وقد أوضحناه في الباب قبله [خ¦386].