التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ما جاء في القبلة

          ░32▒ بَابُ مَا جَاءَ فِي القِبْلَةِ، وَمَنْ لَمْ يَرَ الإِعَادَةَ عَلَى مَنْ سَهَا فَصَلَّى إِلَى غَيْرِ القِبْلَةِ
          وَقَدْ سَلَّمَ النَّبيُّ صلعم فِي رَكْعَتِي الظُّهْرِ، وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ أَتَمَّ مَا بَقِيَ.
          وهذا في حديث ذي اليدين، ويأتي إن شاء الله [خ¦714] [خ¦1229]، وقد اختلف العلماء فيمن اجتهد في القِبْلَةِ فصلَّى إلى غيرها، فقال أبو حنيفةَ وأصحابه والثَّوْرِيُّ: لا يُعيد، وحكاه ابنُ أبي شَيْبَةَ عن إبراهيمَ والشَّعْبِيِّ وعَطَاءٍ وسَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ وحَمَّادٍ وحُكِيَ عن النَّخَعِيِّ أيضًا، وهو مذهب البخاريِّ كما ترجم له، واستدلَّ حيث بنى ◙ ولم يُعد، وعن مالكٍ كذلك، وعنه يُعيد في الوقت استحسانًا، وهو قول الحَسَنِ والزُّهْرِيِّ، وقال المُغِيْرَةُ: يُعيد أبدًا، وعن حُمَيْدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ وطَاوُسٍ والزُّهْرِيِّ: يُعيد في الوقت، وعن النَّخَعِيِّ: إن كان صلَّى بعض صلاته إلى غير القِبْلَةِ، ثمَّ عرف ذلك في الصَّلاة فاستقبل القِبْلَةَ ببقيَّة صلاته، فإنَّه يحتسب بما كان صلَّى كما فعل أصحاب قُبَاءٍ، وهو قول الثَّوْرِيِّ، وقال الشَّافعيُّ: إن لم يتيقَّن الخطأ فلا إعادة عليه، وإلَّا أعاد، وفي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حديث عامرِ بنِ رَبِيْعَةَ: ((كنَّا مَعَ النَّبيِّ صلعم فِي سَفَرٍ فَتَغيَّمَتِ السَّمَاءُ وأشكَلَتْ عَلَيْنَا القِبْلَةُ، فَصَلَّيْنَا، وأَعْلَمْنَا، فَلَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ إِذَا نَحْنُ قَدْ صَلَّيْنَا إِلَى غَيْرِ القِبْلَةِ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ فأَنْزَلَ اللهُ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [البقرة:115])) رواه ابنُ مَاجَهْ والتِّرْمِذِيُّ، وقال: ليس إسناده بذاك.
          وفي «المعرفة» للبَيْهَقِيِّ مثله مِنْ حديث جابرٍ بإسنادٍ ضعيفٍ، ومذهب ابنِ عُمَرَ كما قال الوَاحِدِيُّ: إنَّ الآية نازلةٌ في التَّطوُّع بالنَّافلة، وعن قَتَادَةَ: إنَّها منسوخةٌ بقوله: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ} [البقرة:144] الآية. وهو روايةٌ عن ابنِ عَبَّاسٍ، ويُرْوَى أنَّها نزلت فيمَنْ صلَّى إلى بيتِ المقدسِ.
          تنبيهٌ: وقع في كلام ابنِ بَطَّالٍ وابنِ التِّيْنِ أنَّ البخاريَّ أشار في التَّرجمة إلى الاستدلال بحديث ابنِ مَسْعُودٍ: (أنَّه ◙ سَلَّمَ فِي رَكْعَتَيِ الظُّهْرِ، وَأَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ) وهذه القصَّة إنَّما وقعت مِنْ حديث أبي هريرةَ فاعلمه.