التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الصلاة في الجبة الشامية

          ░7▒ بَابُ الصَّلَاةِ فِي الجُبَّةِ الشَّامِيَّةِ
          (وَقَالَ الحَسَنُ: فِي الثِّيَابِ يَنْسُجُهَا المَجُوسِيُّ لَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا).
          وهذا قد أسنده ابنُ أبي شَيْبَةَ بنحوه فقال: حدَّثنا أبو داودَ عن الحَكَمِ بنِ عَطِيَّةَ سمعت الحَسَنَ وسُئِلَ عن الثَّوب يخرجُ مِنَ النَّسَّاجِ يُصَلَّى فَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قال: وسمعت ابنَ سِيرِينَ يكرهه، وقال أبو نُعَيْمٍ في «كتاب الصَّلاة»: حدَّثنا رَبِيْعُ عن الحَسَنِ، قال: لا بأس بالصَّلاة في رداء اليهوديِّ والنَّصرَانِيِّ.
          قوله: (يَنْسُجُهَا) قال ابنُ التِّينِ: قرأناه بكسر السِّين وهو في اللُّغة بالكسر والضَّمِّ، والجمهور ومنهم الكوفيُّون والثَّوْرِيُّ والشَّافعيُّ على جواز الصَّلاة فيما ينسجه المجوسيُّ والمشركون، وإن لم يُغسَل حتَّى تتبيَّن فيها نجاسةٌ، وكره مالكٌ أن يصلِّي فيما لبسوه وإن فعل يُعيد في الوقت، وعن أبي حنيفةَ أنَّه قال: أكره للمسلم أن يلبس السِّروال والأزرار إلَّا بعد الغسيل، وقال إِسْحَاقُ: تُطَهَّرُ جميع ثيابهم.
          قال البخاريُّ: (وَقَالَ مَعْمَرٌ: رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ يَلْبَسُ مِنْ ثِيَابِ اليَمَنِ مَا صُبِغَ بِالبَوْلِ).
          وهذا ذكره مَعْمَرٌ في «جامعه» والظَّاهر أنَّه لم يُصَلِّ فيها إلَّا بعد غسلها، وكذا قال مالكٌ وأصحابه: إنَّ ثياب اليمن تُطَهَّرُ بعد الصَّبغ.
          قال البخاريُّ: (وَصَلَّى عَلِيُّ ☺: فِي ثَوْبٍ غَيْرِ مَقْصُورٍ).
          وهذا أسنده ابنُ أبي شَيْبَةَ فقال: حدَّثنا وكيعٌ حدَّثنا عليُّ بنُ صالحٍ عن عَطَاءِ أبي مُحَمَّدٍ، قال: ((رأيتُ على عليٍّ قميصًا مِنْ هذه الكرابيسِ غيرَ غسيلٍ)).
          قال ابنُ التِّينِ: قوله: (غَيْرِ مَقْصُورٍ) أي خامٍ غير مدقوقٍ، يُقَالُ: قصرت الثَّوب إذا دققته ومنه القصَّار، وقال الدَّاوُدِيُّ في «شرحه» ومنه نقلت: غير مقصورٍ أي: لم يُلْبَسْ بعد، قال: وهو قول مالكٍ إلَّا أنه يُسْتَحَبُّ أن لا يُصَلِّي على الثِّياب إلَّا مِنْ حرٍّ أو بردٍ أو نجاسةٍ بالموضع لأجل التَّرفُّه؛ لأنَّ الصَّلاة موضع الخشوع.