التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد

          ░64▒ بَابُ الِاسْتِعَانَةِ بِالنَّجَّارِ وَالصُّنَّاعِ فِي أَعْوَادِ المِنْبَرِ وَالمَسْجِدِ
          448- ذَكَرَ فيهِ حديثَ سَهْلٍ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلعم إِلَى امْرَأَةٍ: (مُرِي غُلاَمَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا، أَجْلِسُ عَلَيْهِنَّ).
          449- وحديثُ جابرٍ: (أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلاَ أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ لِي غُلاَمًا نَجَّارًا؟ قَالَ: إِنْ شِئْتِ، فَعَمِلَتِ المِنْبَرَ).
          أمَّا حديث سَهْلٍ تقدَّم في باب الصَّلاة في السُّطوح والمنبر والخشب [خ¦378]، وسيأتي في البيوع أيضًا [خ¦2094]، وحديث جابرٍ يأتي في البيوع [خ¦2095]، وعلامات النُّبوَّة [خ¦3584]، وهو دالٌّ لِمَا ترجم له، وهو الاستعانة بأهل الصِّناعات والقدرة في كلِّ شيءٍ يشمل المسلمين نفعه، والمبادر إلى ذلك مشكورٌ له فعله.
          فإن قُلْتَ: حديث سَهْلٍ يُخالف معنى حديث جابرٍ، وذلك أنَّ حديث سَهْلٍ: أنَّه ◙ سألَ المرأةَ أَنْ تأمرَ غلامها بعمل المنبر، وحديث جابرٍ أنَّ المرأةَ سَأَلَتْ ذلكَ.
          وأُجيب: بأنَّه يحتمل أن تكون المرأة بدأت رسول الله بالمسألة وتبرَّعت له بعمل المنبر، فلمَّا أباح لها ذلك وقَبِل رغبتها أمكن أن ينظر الغلام بعمله، فتعلَّقت نفسه ◙ به فاستنجزها إتمامه، وإكمال عِدَتها، إذ علم ◙ طيب نفسها بما بذلته مِنْ صنعة غلامها، وقد أسلفنا ذلك في باب: الصَّلاة في السُّطوح [خ¦378]، وقد يمكن أن يكون إرساله لها ليعرفها بصفة ما يصنع الغلام في الأعواد، وأن يكون ذلك منبرًا.
          وفيه: أنَّ مَنْ وعد غيره لعدَّةٍ أنَّه يجوز استنجازه فيها، وتحريكه في إتمامها.