التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الاستلقاء في المسجد ومد الرجل

          ░85▒ بَابُ الِاسْتِلْقَاءِ فِي المَسْجِدِ وَمَدِّ الرِّجْلِ
          475- سَاقَ مِنْ حديثِ عَبَّادِ بنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ (رَأَى رَسُولَ اللهِ صلعم مُسْتَلْقِيًا فِي المَسْجِدِ، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى).
          وَعَنِ ابنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلاَنِ ذَلِكَ.
          وهذا الحديثُ أخرجَه البخاريُّ هنا، وفي الاستئذانِ [خ¦6287] واللِّبَاسِ [خ¦5969]، ومسلمٌ في اللِّبَاسِ.
          وقوله: (عَنِ ابنِ شِهَابٍ...) إلى آخره، ساقه البخاريُّ بالسَّند الأوَّل، وقد صرَّح به أبو داودَ، وزاد أبو مَسْعُودٍ فيما حكاه الحُمَيْدِيُّ في «جمعِه»: الصِّدِّيق، فقال: وإنَّ أبا بَكْرٍ وعُمَرَ وعُثْمَانَ كانوا يفعلون ذلك، وقد أخرج البَرْقَانِيُّ هذا الفصل مِنْ حديث إبراهيمَ بنِ سَعْدٍ عن الزُّهْرِيِّ متَّصلًا بالحديث، ولم يذكر سَعِيْدَ بنَ المُسَيَّبِ، وسَعِيْدٌ لم يصحَّ سماعه مِنْ عُمَرَ وأدرك عُثْمَانَ، ولم يُحفَظْ له عنه رواية عن رَسُولِ اللهِ صلعم.
          إذا عرفت ذلك فالكلام عليه مِنْ أوجهٍ:
          أحدها: فيه جوازُ الاستلقاءُ في المسجدِ ووضعُ إحدى الرِّجلين على الأخرى، ومَنْ مَنَعَ استدلَّ بحديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ أنَّه ◙ نَهَى أن يَضَعَ الرَّجلُ إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلقٍ، لكنَّ الجوابَ عنه إمَّا بادِّعَاءِ النَّسْخِ كما تَقَدَّمَ وفعل الخلفاء بعده يعلم أنَّه النَّاسِخُ، ولذلكَ أردفَ البخاريُّ الحديثَ به، أو بتأويلِه على أنَّه محمولٌ على خوفِ بُدُوِّ العورةِ عندَ ضيقِ الإزارِ وسَبْلِ إحدى رجليه على الأخرى.
          ثانيها: فيه جوازُ الاتِّكَاء والاضطجاع وأنواع الاستراحة في المسجد، ويحتملُ أن يكونَ الشَّارعُ فعلَ ذلكَ لضرورةٍ، أو كانَ بغيرِ محضرِ جماعةٍ، فجلوسُه ◙ في المجامعِ كانَ على خلافِ ذلكَ مِنَ التَّرَبُّعِ والاحتباءِ، وجلساتِ الوقارِ والتَّواضعِ، والانبطاحُ على الوجهِ منهيٌّ عنه، وهي ضجعةٌ يبغضُها اللهُ.