التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين

          ░60▒ بَابُ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ
          444- سَاقَ بإسنادِهِ مِنْ حديثِ أبي قَتَادَةَ الحَارِثِ بنِ رِبْعِيِّ السُّلَمِيِّ ☺: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ).
          الكلام عليه مِنْ أوجهٍ:
          أحدها: هذا الحديث أخرجه أيضًا في صلاة اللَّيل وغيره [خ¦1121]، وأخرجه مسلمٌ أيضًا، وطرَّقه الدَّارَقُطْنِيُّ في «علله»، ورُوِيَ مِنْ حديث جابرٍ، وهو غير محفوظٍ كما قاله التِّرْمِذِيُّ، وزاد ابنُ حِبَّانَ في «صحيحه» في حديث أبي قَتَادَةَ: قبلَ أن يجلسَ أو يستخبرَ.
          ثانيها: فيه: استحباب تحية المسجد بركعتين، وهي سُنَّةٌ بالإجماع، وعن داودَ الوجوب تَمَسُّكًا بظاهر الأمر، وحمله الجمهور على النَّدب، بدليل أنَّ المُحْدِث / لا يحرُم عليه دخوله.
          وقد رُوِيَ عن جماعةٍ مِنَ السَّلف أنَّهم كانوا يمرُّون في المسجد ولا يركعون، روى ابنُ أبي شَيْبَةَ عن عبدِ العزيزِ بنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عن زيدِ بنِ أَسْلَمَ قال: كان أصحاب رسولُ اللهِ صلعم يدخلون المسجد ثمَّ يخرجون ولا يصلُّون، قال زيدٌ: وقد رأيت ابنَ عُمَرَ يفعله.
          وذكره مالكٌ عن زيدِ بنِ ثابتٍ وسالمِ بنِ عبدِ اللهِ، وكان القَاسِمُ يفعله، وكذا الشَّعْبِيُّ، وقال جابرُ بنُ زيدٍ: إذا دخلت مسجدًا فصلِّ فيه، فإن لم تصلِّ فاذكر الله فإنَّك قد صلَّيت.
          ثالثها: كراهة الجلوس مِنْ غير صلاةٍ وهي كراهية تنزيهٍ.
          رابعها: استحبابها كلَّ وقتٍ، وكرهها أبو حنيفةَ ومالكٌ في وقت النَّهي، والأصحُّ عند الشَّافعيَّة عدمها إن دخل لا يقصدها.
          خامسها: أنَّها لا تحصل بركعةٍ وهو الأصحُّ، وبقيت فروعٌ متعلِّقةٌ بها ذكرتها مفصَّلةً في «شرحِ المنهاجِ» فراجعها منه.