التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إذا لم يتم السجود

          ░26▒ بَابُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ السُّجُودَ
          389- سَاقَ مِنْ حديثِ حُذَيْفَةَ: أنَّهُ رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مَا صَلَّيْتَ؟ قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: لَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ صلعم.
          ░27▒ بَابُ يُبْدِي ضَبْعَيْهِ وَيُجَافِي فِي السُّجُودِ
          390- ساق مِنْ حديثِ جَعْفَرٍ عَنِ ابنِ هُرْمُزَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكٍ بنِ بُحَيْنَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ حتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ» وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ رَبِيعَةَ نَحْوَهُ.
          هذان البابان يأتيان في سماعنا مِنْ طريق أبي الوَقْتِ هنا، ويأتي أيضًا كما هنا بعد في أحوال السُّجود كما ستعلمه، وفي بعض نسخ البخاريِّ حذفهما هنا، وعليه مشى ابنُ بَطَّالٍ في «شرحه» فلم يذكر الثَّاني هنا وذكر الأوَّل، وحديث حُذَيْفَةَ مِنْ أفراد البخاريِّ، ورواه هناك بلفظ: ((وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الفِطْرَةِ الَّتي فَطَرَ اللهُ ╡ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا)).
          وفيه: / إيجاب الطَّمأنينة، وسيأتي الكلام عليها هناك إن شاء الله، والفطرة هنا السُّنَّة، وحديث ابنِ بُحَيْنَةَ أخرجه مسلمٌ أيضًا، وتعليق اللَّيْثِ أخرجه مسلمٌ: حدَّثنا عَمْرُو بنُ سَوَادٍ عن ابنِ وَهْبٍ عن عَمْرِو بنِ الحارثِ واللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ كلاهما عن جَعْفَرٍ به.
          وفي رواية عَمْرٍو: ((إِذَا سَجَدَ يُجَنِّحُ فِي سُجُودِهِ حَتَّى يُرَى وَضَحَ إِبْطَيْهِ)).
          ورواية اللَّيْثِ: ((كَانَ إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ عَنْ يَدَيهِ عَنْ إِبْطَيْهِ حَتَّى إِنِّي لأَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ)).
          وفرَّجَ اللهُ الغمَّ مخفَّفٌ ومشدَّدٌ، يفرج بالكسر، وهو لفظٌ مشتركٌ، فالفَرْجُ: العورة والثَّغر وموضع المخافة، والضَّبْعُ في ترجمة البخاريِّ _بسكون الباء_ وسط العضد، وقيل: هو ما تحت الإبط، وقيل: ما بين الإبط إلى نصف العضد مِنْ أعلاه، يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ.
          وفيه: التَّفريج بين اليدين، وهو سُنَّةٌ للرِّجَالِ، والمرأة والخنثى يَضُمَّانِ، لأنَّ المطلوب في حقِّهما السَّتر، وذهب بعض السَّلف فيما حكاه القُرْطُبِيُّ إلى أنَّ سنَّةَ النِّساء التَّربُّع، وأنَّ بعضهم خيَّرها بين الانفراج والانضمام.
          قال ابنُ بَطَّالٍ: وشرعت المجافاة في المرفق ليخفَّ على الأرض ولا يثقل عليها، كما روى أبو عُبَيْدٍ عن عَطَاءٍ أنَّه قال: خفُّوا على الأرض، وزعم أبو نُعَيْمٍ في «دلائله» أنَّ بياض إبطيه ╕ مِنْ علامات نبوَّته.
          قال المُتَوَلِّيُّ: ولو طوَّل السُّجود فلحقته مشقَّة الاعتماد على كفَّيه وضع ساعديه على ركبتيه، وفيه: حديثٌ في أبي داودَ والتِّرْمِذِيِّ مِنْ حديثِ أبي هريرةَ، قال البخاريُّ: وإرساله أصحُّ.