التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب تحريم تجارة الخمر في المسجد

          ░73▒ بَابُ تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الخَمْرِ فِي المَسْجِدِ
          459- ساقَ مِنْ حديثِ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: (لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي الرِّبَا، خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلعم إِلَى المَسْجِدِ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الخَمْرِ).
          هذا الحديث ذكره البخاريُّ في باب: آكل الرِّبا وشاهده وكاتبه [خ¦2084]، وفي باب: تحريم تجارة الخمر [خ¦2226] وتفسير قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا} [البقرة:276] [خ¦4540]، وقوله: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:279]، وقوله: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة:280]، ثمَّ ذكره معلَّقًا عن الفِرْيَابِيِّ عن سُفْيَانَ _يعني الثَّوْرِيَّ_ عن مَنْصُورٍ والأَعْمَشَ به.
          ووصله الإِسْمَاعِيْلِيُّ عن القَاسِمِ عن حُسَيْنِ بنِ بحر الأَبْيَوَرْدِيِّ عن حُسَيْنِ بنِ حَفْصٍ قال: وحدَّثنا ابنُ زنجويه عن الفِرْيَابِيِّ به، وكأنَّ وجه دخوله هنا أنَّ الآيات هنا متعلِّقة بالرِّبا، فكأنَّ الإشارة إلى الجمع.
          وزعم عِيَاضٌ أنَّ تحريم الخمر في سورة المائدة ونزولها كان قبل نزول آية الرِّبا بمدَّةٍ طويلةٍ، فإنَّ آية الرِّبا آخر_أو مِنَ آخر_ ما نزل، فيحتمل أن يكون هذا النَّهي متأخِّرًا عن تحريمها، ويحتمل أنَّه أخبر بتحريمها حين حُرِّمَت، ثمَّ أخبر به مرَّةً أخرى بعد نزول آية الرِّبا تأكيدًا ومبالغةً في إشاعته، ولعلَّه حضر المسجد مَنْ لم يكن بلغه تحريم التِّجارة فيها قبل، وحكم التِّجارة في الخمر والرِّبا يأتي في موضعه إن شاء الله [خ¦2226].
          وغرض البخاريِّ هنا في هذا الباب _والله أعلم_ أنَّ المسجد لمَّا كان للصَّلاة ولذكر الله منزَّهًا عن ذكر الفواحش، والخمر والرِّبا مِنْ أكبر الفواحش، فلمَّا ذكر الشَّارع تحريمهما في المسجد ذكر أنَّه لا بأس بذكرِ المحرَّماتِ والأقذارِ في المسجدِ على وجهِ النَّهي عنها والمنعِ منها.