التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الصلاة إلى السرير

          ░99▒ باب الصَّلاَةِ إِلَى السَّرِيرِ.
          508- ذكر فيه حديث عَائِشَةَ قَالَتْ: (أَعَدَلْتُمُونَا بِالكَلْبِ وَالْحِمَارِ؟! لَقَدْ رَأَيْتُنِي مُضطَجِعَةٌ على السَّرِيرِ، فَيَجِيءُ النَّبِيُّ صلعم فَيَتَوَسَّطُ السَّرِيرَ فَيُصَلِّي، فَأَكْرَهُ أَنْ أُسَنِّحَهُ فَأَنْسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيِ السَّرِيرِ حَتَّى أَنْسَلَّ مِنْ لِحَافِي).
          هذا الحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا، وسلَف الكلام عليه في باب: الصَّلاة على الفراش [خ¦382]، ونتكلَّم هنا على مواضع:
          الأوَّل: قال الإسماعيليُّ لمَّا أورد هذا الحديث: هذا صلاةٌ على السَّرير لا إليه، فإن أراد ما ذُكِر فهو في حديث الأعمش عن مسلمٍ عن مسروقٍ عن عائشةَ: ((يصلِّي والسَّريرُ بينه وبينَ القبلةِ))، وقد أورده البخاريُّ في الاستئذان كما سيأتي [خ¦6276].
          الثاني: فيه جواز الصَّلاة على السَّرير.
          الثالث: قولها: (فأُسَنِّحَهُ) قال ابن التِّين: هو بكسر النُّون فيما رُوِّيناه، وزادَه غير أبي الحسن بفتحها، وهو في اللُّغة بالفتح، قيل: معناه: أن أنسلُّ مِن بين يديه، فأجاوزه مِن يمينٍ إلى يسارٍ، وقد جاء: فأكره أن أستقبله، وفي رواية: ((أنْ أجلسَ فأوذِيَه))، وقد يكون معنى أسنِّح له أي: أتعرَّض له في صلاته، وقولهم: سنح لي أمرٌ، أي: عرض، وقال صاحب «العين»: إنَّ أسنِّحه أظهر له، وكل ما عرض لك فقد سنحَ، قال ابن الجوزيِّ وغيره: السانح عند العرب ما يمرُّ بين يديك عن يمينك، وكانوا يتيمَّنون به. قلت: ومنهم مَن قال: عن يسارك إلى يمينك؛ لأنَّه أمكن للرَّمي والصَّيد، والبارح عكسه، والعرب تتطيَّر به، قاله ابن الأثير.
          الرابع: قولها: (فَأَنْسَلُّ) أي: أمرُّ برفقٍ.
          وفيه: دلالة على أنَّ المرأة لا تقطع الصَّلاة لأنَّ انسلالها مِن لحافها كالمرور بين يدي المصلِّي، وقد سلف ما فيه. /