التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب أصحاب الحراب في المسجد

          ░69▒ بَابُ أَصْحَابِ الحِرَابِ فِي المَسْجِدِ
          454- ذَكَرَ فيهِ حديثَ عائشةَ: (لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، وَرَسُولُ اللهِ صلعم يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ).
          455- وفي أخرى: (رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلعم وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ).
          هذا الحديث أخرجه البخاريُّ هنا، وفي العيدين [خ¦950] ومناقب قريشٍ [خ¦3530]، وأخرجه مسلمٌ في العيدين أيضًا.
          وتعليق البخاريِّ هنا عن إبراهيمَ بنِ المُنْذِرِ حيث قال: (وزَادَ إِبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ عَنِ ابنِ وَهْبٍ) أسنده مسلمٌ عن أبي الطَّاهر عن ابنِ وَهْبٍ، وهذا اليوم كان يوم عيدٍ.
          وفي الحديث: الرُّخصة في المثاقفة بالسِّلاح لأجل رياضة الحرب، وجواز مثل ذلك في المسجد، وقد تقدَّم قول أبي عبدِ الملكِ: أنَّ هذا كان في أوَّل الإسلام، فلمَّا كَمُل الإسلام أُزِيلَ ذلك، ولا نُسلِّم له؛ فالمسجد موضوعٌ لأمر جماعة المسلمين، فما كان مِنَ الأعمال ممَّا يجمع منفعة الدِّين وأهله فهو جائزٌ في المسجد.
          واللَّعب بالحراب مِنْ تدريب الجوارح على معاني الحروب، وهو مِنَ الاشتداد للعدوِّ، والقوَّة على الحرب فهو جائزٌ في المسجد وغيره كما نبَّه عليه المُهَلَّبُ.
          وفيه: جواز النَّظر إلى اللهو المباح، ويمكن أن يكون ترك الشَّارع عائشةَ لتنظر ذلك لتضبط السُّنَّة في ذلك، وتنقل تلك الحركات المحكمة إلى بعض مَنْ يأتي من أبناء المسلمين، وتعرِّفهم بذلك.
          وفيه أيضًا: مِنْ حُسْنِ خلقه وكريم معاشرته لأهله ما ينبغي للمسلم امتثاله والاقتداء به فيه، ألا ترى وقوفه وستره عائشةَ وهي تنظر إليهم.