التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الصلاة إلى العنزة

          ░93▒ باب الصَّلاَةِ إِلَى العَنَزَةِ.
          499- 500- ذكر فيه حديث أبي جُحَيفةَ: (أنَّ النَّبِيَّ صلعم صلَّى وبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزةٌ...) الحديث. وقد سلف قريبًا [خ¦187].
          وحديث أنسٍ أنَّ النَّبِيَّ صلعم (كان إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ تَبِعْتُهُ أَنَا وَغُلاَمٌ وَمَعَنَا عُكَّازَةٌ أَوْ عَصًا أَوْ عَنَزَةٌ ومَعَنَا إِدَاوَةٌ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ نَاوَلْنَاهُ الإِدَاوَةَ). وقد سلف في الاستنجاء [خ¦150].
          وليس صريحًا في مقابلة ما ذكره مِن التَّبويب، / نعَم الحربةُ والعَنَزة عَلَمٌ للنَّاس على موضع صلاته ألَّا يخرقوه بالمشي بين يديه في صلاته.
          ومعنى حملِ العنَزة والماء: أنَّه صلعم كان يديمُ الطَّهارة في أكثر أحواله، وكان إذا توضَّأ صلَّى ما أمكنه بذلك الوضوء، منذ أخبره بلالٌ بما أوجب الله له الجنَّة مِن أنَّه لم يتوضَّأ قطُّ إلَّا صلَّى، فلذلك كان يحمل الماء والعنزة إلى موضع الخلاء والتَّبرُّز. ومناولتهم الإدواةَ دالٌّ على استنجائه بالماء؛ لأنَّ العادة في الوضوء الصبُّ على اليد. وفيه: خدمة السُّلطان والعالم.
          ومذاهب الفقهاء متقاربةٌ في أقلِّ ما يجزئ المصلِّي مِن السُّترة، فقال مالكٌ: يجزيه غلظ الرُّمح والعصا وارتفاع ذلك قدر عظم الذِّراع ولا تفسد صلاة مَن صلَّى إلى غير سترة، وإن كان مكروهًا، وهو قول الشَّافعيِّ.
          وقال أبو حَنيفة والثَّوريُّ: أقلُّها قدر مؤخَّرة الرَّحل يكون ارتفاعها ذراعًا وهو قول عطاءٍ. وقال الأوزاعيُّ مثله، إلَّا أنَّه لم يحدَّ ذراعًا ولا غيره.
          وكلُّ هؤلاء لا يجيزون الخطَّ، ولا أن يعرضَ العصا في الأرض فيصلِّي إليها، غير الأوزاعيِّ والشَّافعيِّ في أصحِّ قولَيه، فإنَّهما قالا: إذا لم يجد شيئًا يقيمه بين يديه عرضَه وصلَّى إليه، وإن لم يجد خطَّ خطًّا، ورُوي مثله عن سعيد بن جُبَيرٍ، وبه قال أحمد وأبو ثورٍ، وفيه حديث أبي هُريرةَ في أبي داودَ وهو مِن رواية أبي عمرو بن محمَّد بن حُرَيثٍ، عن عمِّه، عن أبي هُريرةَ مرفوعًا.
          قال الطَّحاويُّ: أبو عمرٍو وعمُّه مجهولان. وقال مالكٌ واللَّيث: الخطُّ باطلٌ، وليس بشيءٍ، وأصحُّ ما في سترة المصلِّي حديث ابن عمر وأبي جُحَيفةَ وأنسٍ.
          وقوله في حديث أبي جُحَيفةَ: (وَالمَرْأَةُ وَالحِمَارُ يَمُرُّونَ مِنْ وَرَائِها) قال ابن التِّين: صوابه: يمرَّان على التَّثنية، أو يمرُّون إذا كنى عن التَّثنية بالجمع.