التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب حمل صاحب الدابة غيره بين يديه

          ░100▒ بابُ حَمْلِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ غَيْرَهُ بينَ يَدَيْهِ
          وقال بعضهم: صَاحِبُ الدَّابَّةِ أحقُّ بصَدْر الدَّابَّةِ إلَّا أن يأذَنَ له.
          5966- ثمَّ ساق عن أيُّوبَ: ذُكِرَ شَرُّ الثَّلاَثَةِ عِنْدَ عِكْرِمَةَ، فَقَالَ: قَالَ ابن عبَّاسٍ ☻: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلعم وَقَدْ حَمَلَ قُثَمَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالفَضْلَ خَلْفَهُ، أَوْ قُثَمَ خَلْفَهُ وَالفَضْلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَيُّهُمْ شَرٌّ أَوْ أَيُّهُمْ خَيْرٌ؟.
          الشَّرح: قال الجَوْهرِيُّ: يُقال: فلانٌ شرُّ النَّاس ولا يُقال: أشرُّ النَّاس إلَّا في لغةٍ رديئةٍ.
          و(قُثَمَ): وزن عُمَر، معدولٌ عن قَاثِمٍ وهو المُعْطِي، فهو غيرُ مُنصرفٍ للعَدْل والتَّعريف.
          و(قُثَم): هو ابن العَبَّاس وكان يشبَّهُ برسول الله صلعم، روى عن رسول الله صلعم. وعن أخيه الفضل، قال الحاكم: كان أخا الحسينِ بن عليٍّ مِن الرَّضَاعة، وكان شبيهَ رسول الله صلعم وآخِرُ النَّاس به عهداً. واختلف في موضعِ قبره، فالصَّحيح: بِسَمَرْقَنْد. وقيل: بِمَرْوٍ.
          ووقع في «الكمال» للمَقْدِسِيِّ ذِكْره له في غير الصَّحابة وأنَّ البُخَارِيَّ روى له، وليس كما ذكر وإنَّما وقع ذِكْرهُ فيه.
          وقوله: (فَأَيُّهُمْ شَرٌّ أَوْ أَيُّهُمْ خَيْرٌ؟) ذكره ابن التِّين بلفظ: <فإنَّهم أشرُّ أو إنَّهم خيرٌ>، قال الجَوْهرِيُّ: يُقال: فلانٌ خير النَّاس، ولا تقل: أخيَر. وفلانةٌ خيرُ النَّاس، ولا تقل: خَيْرَة. لا تُثنِّي ولا تَجْمع لأنَّه في معنى أفعلَ، وأمَّا قول الشاعر:
أَلَا بَكَرَ النَّاعِي بِخَيْرَيْ بَنِي أَسَدْ                     بِعَمْرِو بْنِ مَسعودٍ، وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ
          فإنَّما ثنَّاه لأنَّه أراد خَيْرَيْ مخفَّفَةً مثل: ميِّت وميْت، وهيِّن وهيْن.
          وقوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ..) إلى آخره، قد رُوي عن رسول الله صلعم، ذكره التِّرْمِذِيُّ مِن حديثِ عليِّ بن الحُسَينِ بن وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي أبي حَدَّثَنا عبد الله بن بُرَيْدَة ☺ عن أبيه: ((بينما رسول الله صلعم يمشي إذ جاءَهُ رَجُلٌ ومعه حمارٌ فقال: يا رسول الله، اركب، وتأخَّر الرجل، فقال ◙: لأنتَ أحقُّ بِصَدْر دَابَّتِك إلَّا أن تجعلَهُ لي فقال: قد جعلتُهُ لك فَرَكِب)). ثمَّ قال: حَسَنٌ غريبٌ.
          وحديث ابن عبَّاسٍ يدلُّ / على معنى الحديث أنَّه ◙ كان أحقَّ بصدر دابَّته، فلمَّا حملَ قُثَماً أو الفَضْل بين يديه كان مقام الإذن في ذلك. وأظنُّ البُخَارِيُّ لم يرضَ بإسناد حديث ابن بُرَيْدَة عن أبيه، فأدخل حديث ابن عبَّاسٍ ليدلَّ على معناه.