التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الامتشاط

          ░75▒ بَابُ الِامْتِشَاطِ.
          5924- ذكر فيه حديث سَهْلٍ ☺: (أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِي دَارِ رَسُولِ اللهِ صلعم، ورسولُ الله صلعم يَحُكُّ رَأْسَهُ بِالْمِدْرَى فَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الأَبْصَارِ).
          المِدرى _بكسر الميم_ عند العرب كما قال ابن بطَّالٍ: اسمٌ للمِشْط، قال امرؤ القيس:
تَظَلُّ المَدَارِي فِي مُثَنًّى ومُرْسَلِ
          يريدُ ما انثنى مِن شَعَرها وانْعَطَف وما استرسلَ، يَصِف امرأةً بكثرة الشَّعر، وذكره أبو حاتمٍ عن الأصْمَعِيِّ وأبي عُبَيدٍ، وقال المَدَارِي: الأمشاط.
          وفي «شرح ابن كَيْسَانَ»: المَدْرَاء: العُودُ الذي تُدخله المرأة في شَعَرها لتضمَّ بعضَهُ إلى بعضٍ، ومِن عادة العرب أن يكون بيدهِ مِدْرَى يُخلِّل بها شَعَر رأسه أو لحيته أو يحكُّ بها جسدَهُ، وقيل: إنَّها عُودٌ كالخِلَال لها رأسٌ محدَّدٌ، وقيل: بل هي حديدةٌ، وقيل: شَبه المِشْط، وقيل: أعوادٌ تُحدَّد شَبه المِشْط.
          قال سُحَيمٌ عبدُ بني الحَسْحَاس:
أَشَارَتْ بِمِدْرَاهَا وَقَالَتْ لِتِرْبِها                     أَعَبْدُ بَنِي الحَسْحَاسِ يُزْجِي القَوَافِيا
          وعبارة ابن التِّين _وهي عبارة الجَوْهرِيِّ_: المِدْرَى: القَرْنُ، وكذلك المِدْرَاة، وربَّما تُصلح بها الماشطةُ قُرُون النِّساء وهي كالمِسَلَّة تكون معها يُقال: تدرَّت المرأة: سرَّحَت شَعَرها.
          وعبارة الدَّاوُدِيِّ: المِدْرَى المِشْطُ له الأسنانُ اليسيرة، وعبارة غيره: أنَّه شيءٌ يُعمل مِن حديدٍ أو خشبٍ على شكْلِ أسنان المِشْطِ وأطولُ منه يُسرَّح به الشَّعَر المُلَبَّد ويَستعمله مَن لا مِشْطَ له، وترجم البُخَارِيُّ الباب الامتشاط وهو سنَّةٌ. وفي أبي داودَ: ((كان ◙ يَنهى عن كثيرٍ مِن الإرفاهِ ويأمُرُ بالامتشاط غِبَّاً))، وفيه أيضاً: ((مَن كانَ له شَعَرٌ فَلْيُكْرِمه)).
          كَرِهَ ◙ الإفراط في التنعُّم والتدلُّل والتَّرجيل مِن ذلك، فأمَرَ بالقصد في ذلك وليس معناه تَرْك الطَّهارة والتنظيف، فإنَّ الطَّهارة والنَّظَافة مِن الدِّين.