التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب نقض الصور

          ░90▒ بَابُ نَقْضِ الصُّوَرِ.
          5952- ذكر فيه حديث عائِشَةَ ♦: أنَّه ◙ (لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ).
          5953- وحديث أبي هُرَيْرَةَ ☺: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً، ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إِبْطَيهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلعم؟ قَالَ: مُنْتَهَى الحِلْيَةِ).
          الشَّرح: في حديث عائِشَة ♦ حُجَّةٌ لمن كَرِه الصُّورة في كلِّ شيءٍ ممَّا يُمتهن ويُوطأ وغيره، لعُمُوم قول عائِشَة ♦، فدخل في ذلك جميع وجوهِ استعمالِ الصُّور في البُسْط واللِّبَاس وغيره.
          وقوله: / (إِلَّا نَقَضَهُ) ادَّعى الخطَّابيُّ أنَّ في سائر الروايات: ((إلَّا قَضَبه)) أي: قَطَعه.
          والتَّصَاليب: أشكال الصَّليب، نهى عن الصَّلَاة في الثَّوب المُصَلَّب، أي: الذي فيه نقْشٌ أمثال الصُّلْبَان، وإنَّما فعل ذلك لأنَّ النَّصَارى يعبدونَ الصَّليبَ فكَرِهَ أن يكون منه شيءٌ في بيتهِ.
          وفي حديث أبي هُرَيْرَةَ ☺ دليلٌ على أنَّ نهيه ◙ عن الصُّور محمل معناه عندهم على العُمُوم أيضاً في الحيطان والثِّياب وغيرهما.
          وقوله: (وَمَنْ أَظْلَمُ..) إلى آخره، هو في معنى حديثِ لعنه، وصفَه بأشدِّ الظُّلم، وقد قالتعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:18] فعمَّت اللَّعنة كلَّ مَن وقع عليه اسم ظالمٍ مِن مصوِّرٍ وغيره.
          فَصْلٌ: والتَّور: بفتح المثنَّاة فوق: إناءٌ يُشرب منه.
          وقوله: (فَغَسَلَ يَدَيْهِ) قال الدَّاوُدِيُّ: غَسَلَهما تبرُّماً مِن إثمِ ما رأى، والظاهر أنَّه حكى صِفةَ حالٍ أنَّه أُتي بماءٍ فتوضَّأ.
          قال: وقوله: (مُنْتَهَى الحِلْيَةِ) كأنَّه أضافه إلى نفسه، والظاهر أنَّه أراد أنَّه ◙ قال: ((يُحَلَّون في الجنَّة إلى مُنتهى الوُضُوء)) وكنَّى بالحِلْيَة عن الغرَّة والتَّحْجيل.
          ووقع في كتاب ابن بطَّالٍ: أنَّ وضوء أبي هُرَيْرَةَ إلى إبطِهِ ليس عليه العمل، وأجمعتِ الأُمَّة أنَّه لا يتجاوز بالوُضُوء ما حدَّه الله مِن المِرْفَقَيْنِ، وقد رَدَدْنا عليه في كتاب الطَّهارة.