التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الثلاثة على الدابة

          ░99▒ باب الثَّلَاثةِ على الدَّابَّةِ.
          5965- ذكر فيه حديث ابن عبَّاسٍ ☻ قال: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلعم مَكَّةَ، اسْتَقْبَلَهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ.
          الشرح: هذا الحديث سلف في الحج أيضًا. [خ¦1798].
          (أُغَيْلِمَةُ): تصغير غِلْمَةٍ على غير مكبِّره، كأنَّهم صغَّروا أَغْلِمة على القياس وإن كانوا لم يقولوه، كما قالوا: أُصَيبِيَةٌ.
          وفيه ما ترجَمَ له، وهو جواز ركوب الثلاثة على الدَّابَّةِ بشرط الإطاقة. وقيل: إنَّه قيل لابن عبَّاسٍ: لا يصلُحُ أن يركبَ ثلاثةٌ على دابَّةٍ، ويَدَّعيه عن رسول الله صلعم، فإن كان ما قيل له محفوظاً فهو ناسخٌ لهذا لأنَّ الفعل لا يدخلُهُ النَّسخ بخِلاف الخبر، قاله الدَّاوُدِيُّ.
          وأورد ابن جَرِيرٍ حديث إسحاقَ بن زَيْدٍ الخطَّابيُّ، حَدَّثَنا مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ، عن أبيه، حَدَّثَنا عَطَاءٌ، عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ مرفوعاً: ((لا يركبُ الدَّابةَ فوق اثنين)).
          ثمَّ قال: اختلف السَّلف في ذلك، فقال بعضهم بحديث الباب بشرط الإطاقة، رُوي ذلك عن ابن عُمَر قال: ما أُبالي أن أكون عاشِرَ عَشَرةٍ على دابَّة إذ أطاقَتْ حَمْل ذلك، رواه شُعْبَة، عن عاصِمٍ، عن الشَّعْبِيِّ، عنه. وكره آخرون رُكُوب دابَّةٍ أكثرَ مِن اثنين عملاً بحديث أبي سَعِيدٍ، رُوي ذلك عن عليٍّ قال: إذا رأيتم ثلاثة نَفَرٍ على دابَّةٍ فارجمُوهم حتَّى ينزِلَ أحدهم.
          قال الطَّبَرِيُّ: وكِلا الخبريَن صحيحانِ، فحديثُ الباب محمولٌ على الإطاقة، وقد قال ابن أبي مُلَيْكَة عن ابن عبَّاسٍ ☻ أنَّ مركب رسول الله صلعم الذي حَمل الاثنين عليه معه كان ناقةً، ولا يضرُّ ذلك بها، وكذا الفَرَسُ والبَغَلُ بالنِّسبة لرجُلٍ مع صَبِيْين يسيرُ مسافةً مِن الأرض لا يتعذَّر على الصِّبيان قَطْعُها مشياً.
          وروى ابن مَهْدِيٍّ عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ، عن عاصِمٍ، عن زِرٍّ، عن ابن مَسْعُودٍ قال: ((كان يوم بدرٍ ثلاثةٌ على بعيرٍ)). والنَّهي على مَن لم يُطِق. وعليه يُحمل ما رُوي عن عليٍّ.
          وقد روى مَطَرُ بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنا أبو داودَ، حَدَّثَنا ابن خالِدٍ، حَدَّثَنا المُسَيِّب بن دَارِمٍ قال: رأيت عُمَر بن الخطَّاب ضربَ جمَّالاً وقال: تحمِلُ على بعيركَ ما لا يُطيق؟!.