التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه

          ░53▒ بَابُ مَنْ جَعَلَ فَصَّ الخَاتَمِ فِي بَطْنِ كَفِّهِ.
          5876- ذكر فيه حديث نافِعٍ، أنَّ عبدَ اللهِ حدَّثه أَنَّ النَّبِيَّ صلعم اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ. الحديث. وفيه: قَالَ جُوَيْرِيَةُ: وَلاَ أَحْسِبُهُ إِلَّا قَالَ: فِي يَدِهِ اليُمْنَى.
          وقد أسلفنا فقهه وأنَّه السُّنَّة، وقال ابن بطَّالٍ: ليس في كون الخَاتَم في بطن الكفِّ ولا في ظاهرها نهيٌ ولا أمرٌ، وكلُّ ذلك مباحٌ.
          وقد روى أبو داودَ عن ابن إسحاقَ قال: رأيت على الصَّلْت بن عبد الله بن نَوْفَلِ بن عبد المطَّلِب خَاتَماً في خِنْصره اليُمنى، فقلت: ما هذا؟ قال: رأيت ابن عبَّاسٍ ☻ يلبسُ خَاتَمه هكذا، وجعل فَصَّه على ظَهْرها، قال: ولا أخالُ إلَّا قال: إنِّي رأيت رسول الله صلعم يلبَسُ خَاتَمه كذلك. وقال التِّرْمِذِيُّ. قال البُخَارِيُّ: حديث ابن إسحاقَ عن الصَّلْت حَسَنٌ.
          وقيل لمالكٍ: أتجعل الفَصَّ إلى الكفِّ؟ قال: لا. وأظنَّ أنَّ مالكاً إنَّما قال ذلك لأنَّه وجد النَّاس يتختَّمُون على ظهر الكفِّ كما كان يفعل / ابن عبَّاسٍ، ولم يقل أنَّ الفصَّ في باطنِهِ لا يجوز.
          فَصْلٌ: وقول جُوَيْرِيَةَ: (وَلاَ أَحْسِبُهُ إِلَّا قَالَ: فِي يَدِهِ اليُمْنَى) قد أسلفنا الروايات فيه وأنُّهما صحَّا، وأنَّ الأشهر المستفيضَ اليُمنى.
          وادَّعى بعضهم أنَّه لم يخرج أحدٌ مِن «الصَّحيح» أين يجعل الخَاتَم غير هذا اللَّفظ.
          قال الدَّاوُدِيُّ: وجُوَيْرِيَةُ لم يحقِّق القول والروايات كلُّها ليس فيها هذا، قال: وتواطؤ النَّاس على اليَسار يدلُّ أنَّ اليمين ليس بمحفوظٍ، وليس كما زعَمَ. قال مالكٌ: وأكره التختُّم في اليمين. وقال: إنَّما يأكلُ ويشربُ ويعملُ بيمينه، فكيف تريد أن يأخذ باليسار ثمَّ يعمل فيجعل فصَّه إلى الكفِّ؟ قال: لا فيجعل الخَاتَم في اليُمنى للحاجة يذكرُها، أو يربُطُ خيطاً في إصبعه؟ قال: لا بأس بذلك، وهذا قد أسلفناه أيضاً.