التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من لبس جبةً ضيقة الكمين في السفر

          ░10▒ (بَابُ مَنْ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ).
          5798- ذكر فيه حديثَ المغيرة ☺: (وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ)، وقد سلف في الطَّهارة [خ¦182]، وترجم عليه أيضًا:
          ░11▒ (بَابُ لُبْسِ جُبَّةِ الصُّوفِ فِي الْغَزْوِ).
          5799- وذكرَه بلفظ: (وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ).
          وهو دالٌّ على أنَّ ثيابَ السَّلف في الحَضَر لم تكن أكمامُها بِضِيق أكمامِ هذه الجُبَّة التي لبسَها ◙ في سَفرِه، لأنَّه لم يُذكر عنه أنَّه أخرج يديه مِن تحت ثيابه لِضِيق كُمَّيه إلَّا في هذه المرَّة، ولو فعلَه في الحَضَر لنُقل.
          وفيه: دِلالةٌ أنَّ ثياب السَّفر أخصَرُ مَن ثياب الحَضَر، فلباسُ الأكمامِ الضَّيِّقَة والواسِعَة جائزٌ إذا لم يكن مثل سَعَة أكمام النِّسَاء، لأنَّ زيَّ النِّسَاء لا يجوز للرِّجال استعمالُهُ على ما سنعلمه في كتاب الزِّينة، وقد كره مالكٌ للرجُل سَعَةَ الثَّوب وطولَه، وأمَّا لباس الصُّوف فجائِزٌ في الغزو وغيره إذا لم يُرد لابسُه به الشُّهرة.
          وسُئل مالكٌ عن لِبَاس الصُّوف الغليظِ، فقال: لا خيرَ فيه في الشُّهرة، ولو كان يلبسُه تارةً وينزعُه أخرى لرجوتُ، وأمَّا المواظبةُ حتَّى يُعرَف به ويَشتَهِر فلا أحبُّه، ومِن غليظِ القُطْنِ ما هو في ثمنِه وأبعدُ مِن الشُّهرة منه، وقد قال ◙ للرجل: ((ليُرَى عليكَ مالُكَ)). وقالَ مالكٌ أيضًا: لا أكرَه لباسَ الصُّوف لمَن لم يجِد غيرَه، وأكرهُه لمَن يجِدُ غيرَه ولَأَن يُخفي عِلْمَه أحبُّ إليَّ، وكذلك كان شأن مَن مضى. قيل: إنَّما يريد التواضع بِلُبسه، قيل: يجد مِن القُطْن بثمن الصُّوف.
          فصْلٌ: (شَامِيَّةٌ) بتشديد الياء وتخفيفها، قال في «الصِّحاح»: مَرْأةٌ شَأَمِيَّةٌ، وَشَآمِيَةٌ مخفَّفة الياء، و(الْإِدَاوَةُ) المَطْهَرة.
          وقوله: (ثُمَّ أَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ) أي أَوْمَأْتُ.
          وقوله: (فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ) يريد بالطُّهرِ الوُضُوء، وهذا مشهور مذهب مالكٍ جوازُ المسْحِ على الخُفِّ في السَّفر والحَضَر، وله قولٌ آخرُ: اختصاصُه بالسَّفر، وثالثٌ: المنعُ مطلقًا، وعنه غير ذلك.