التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب المغفر

          ░17▒ (بَابُ المِغْفَرِ).
          5808- ذكر فيه حديثَ مالكٍ: (عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ ☺: أَنَّه ◙ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ).
          وقد سلف في الحجِّ [خ¦1846]، و(الْمِغْفَرُ) كما قال الأَصْمَعِيُّ: زَرْدٌ تُنسج مِن الدِّرْع على قَدر الرأس تُلبس تحت القَلَنْسُوَةِ، وقال الدَّاوُدِيُّ: يُعمل على الرأس والكَتِفين، وقال ابن بطَّالٍ: الْمِغْفَرُ مِن حديدٍ وهو مِن آلات الحرب، ودخولُه به ◙ يومَ الفتح كان في حال القتال ولم يكن مُحرِمًا كما قال ابن شِهَابٍ، وقد عُدَّ هذا الحديث في أفراد مالكٍ عن الزُّهْرِيِّ، وإنَّما الصَّحيحُ أنَّه دخلَها يومَ الفتح وعليه عِمَامةٌ سوداءُ كما أخرجَه التِّرْمِذِيُّ مِن حديثِ حمَّاد بن سَلَمَةَ، عن أبي الزُّبَيْر، عن جابرٍ، ثُمَّ قالَ: حَسَنٌ. ولم يكن عليه مِغْفَر لكن في حديث الزُّهْرِيِّ للنَّسائيِّ: أنَّ الأَوْزَاعيَّ رواه عن الزُّهْرِيِّ كما رواه مالكٌ، وقد يمكن أن يكون ◙ عليه مِغْفَر وتحتَه عِمَامةٌ سوداءُ لتتَّفِقَ الروايتان، وسواء دخلَها بمِغْفَرٍ أو بِعِمَامةٍ سوداءَ فحُكمُهما سواءٌ ولا حرجَ عليه في ذلك لأنه إنَّما دخلَها كذلك في الساعة التي أُحلَّت له، ثمَّ هي حرامٌ إلى يوم القيامة، وإنَّما اتَّخذ الدِّرعَ وتسلَّح به في حال الحرب وقد أخبر اللهُ أنَّ اللهَ يعصِمُهُ من النَّاس ليسنُّ ذلك لأُمَّته، وليقتدي به الأئمَّةُ والصَّالحون.