التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب القباء وفروج حرير

          ░12▒ (بَابُ الْقَبَاءِ وَفَرُّوجِ حَرِيرٍ، وَهُوَ الْقَبَاءُ، وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي لَهُ شَقٌّ مِنْ خَلْفِهِ).
          5800- ذكر فيه حديثَ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ☻: (قَسَمَ رَسُول اللهِ صلعم أَقْبِيَةً، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيِّ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَقَالَ: ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي، قَالَ: فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا فَقَالَ: خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: رَضِيَ مَخْرَمَةُ).
          5801- وحديثَ أبي الخير مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ اليَزَنِيِّ، أخرجا له: (عَنْ عُقْبةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللهِ صلعم فَرُّوجٌ مِنْ حَرِيرٍ، فَلَبِسَهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا _كَالْكَارِهِ لَهُ_ ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ. تَابَعَهُ عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ، عَنِ اللَّيْث، وَقَالَ غَيْرُهُ: فَرُّوجٌ حَرِيرٌ).
          وهذه المتابعة سلفت مُسْندةً أوَّلَ الصَّلاةِ [خ¦375]، وأخرجهُ مُسْلمٌ والنَّسَائيُّ، وأخرجَه ابنُ حِبَّان في «صحيحه» وقال: فَرُّوجُ الحريرِ هو الثوبُ الذي يكون على دروزِه حريرٍ دون أن يكون الكلُّ مِنَ الحريرِ، ولو كان الكلُّ حريرًا ما لَبِسَه ولا صلَّى فيه، وهذا معنى خبر عُمَرَ بن الخطَّاب: إلَّا موضعَ أصبعين أو ثلاثٍ أو أربعٍ.
          و(الْقَبَاءِ) ممدودٌ، قال أبو دريد: هو مأخوذٌ مِن قَبَوْتُ الشيء، أي جَمَعْتُهُ، قال غيره: ومنه حرفٌ مَقْبُوٌ إذا كان مضمومًا. قال ابنُ بطَّالٍ: الْقَبَاءُ مِن لُبسِ الأعاجم، ويمكن أن يكون ◙ نَزَعَه مِن أجل ذلك، ففي أبي داودَ مِن حديثِ ابن عُمرَ ☻ قال: قال رَسُول اللهِ صلعم: ((مَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم))، / ويمكن أن يكونَ نَزَعَه مِن أجل أنَّه مِن حريرٍ، وقد نهى ◙ عن لِبَاس الحرير لذكور أُمَّته، وسيأتي ما للعلماء فيه بعدَ هذا إن شاء الله تعالى.
          والفرُّوجُ بفتح الفاء وضمِّها، قال ابن فارسٍ: الفُرُّوج وضُبط بالفتح، وهو قميصُ الصَّغير، قال: ويُقال: هو القَبَاءُ. وقال غيره: (فَرُّوجُ حَرِيرٍ) وكذلك تقدَّم له، إلَّا أن في بعض الروايات أنَّ أحدَهما مشدَّدُ الرَّاء والآخر مخفَّفٌ، ويحتمل أن يريد أنَّ أحدَهُما غيرُ مضافٍ والآخرُ مضافٌ، كثوبِ حريرٍ، وبابِ حديدٍ، وفي بعض الكُتُب ضُبط أحدُهما بفتح الفاء، والآخر بضمِّها، والفتح أوجهُ، لأنَّ فُعُّولًا بالضمِّ ليس إلَّا في سُبُّوح وقُدُّوس وقروح.
          فائِدَةٌ: (مَخْرَمةُ) والد المِسْوَر صحابيٌّ، وهو ابنُ نَوْفَل بن أُهَيبِ بن عبد مَنَاف بن زُهْرة الزُّهْرِيُّ، أُمَّهُ رُقَيْقَة بنت أبي صَيْفِيِّ بن هِشَامِ بن عبد مَنَافٍ، وولدُه المِسْوَر أُمُّهُ عَاتِكَة أخت عبد الرَّحْمَن بن عوفٍ.