التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة

          ░29▒ (بَابُ مَا يُرَخَّصُ للِرِّجَالِ مِنَ الحَرِيرِ لِلْحِكَّةِ).
          5839- ذكر فيه حديثَ أَنَسٍ ☺: (رَخَّصَ النَّبِيُّ صلعم للزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ عَوْفٍ فِي لُبْسِ الحَرِيرِ لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا).
          وهو ظاهِرٌ فيما ترجم له، وقد أسلفنا أنَّ هذا الحديث دالٌّ على أنَّ النَّهيَ عن لبس الحرير في حقِّ مَن لم تكن له علَّةٌ تضطره إلى لُبْسهِ، وأنَّ مِنَ المعلوم مِن ترخيصه للحكَّةِ إلحاقُ مَن كان به علَّةٌ تُرجى بلبسِه خِفَّتُها، وكذا ما فوق ذلك كنَبْلِ العَدُوِّ وأسلحتهم، ووقعَ في «الوسيط» للغَزَاليِّ: أنَّه ◙ أرخصَ لحمزةَ، وهو غلطٌ فاجْتَنِبْهُ، ومِن الغريب حكايةُ صاحب «التنبيه» وجهًا أنَّه لا يجوز لُبْسُهُ للحاجة المذكورة، ولم يَحْكِهِ الرَّافعيُّ وصاحبُ «البيان» إلَّا عنه، وقد يُعلَّل على بُعده باختصاص الرُّخصة بالمذكورَين، وفرَّق بعضُ أصحابنا فجوَّزه بالسَّفر دون الحَضَرِ لرواية مُسْلمٍ أنَّ ذلك كان في السَّفَر، وهذا الوجه خصَّه في «الرَّوضة» بالقَملِ، وليس كذلك فقد نقله الرَّافعِيُّ في الحكَّةِ، وفي «الصَّحيحين» أيضًا أنَّه صلعم أرخصَ لهما لمَّا شَكَيَا القَمْلَ في غَزَاةٍ لهما، والأصحُّ جوازه سَفَرًا وحَضَرًا، وأبعَدَ مَن قالَ باختصاصه بالسَّفر لأنَّه شاغِلٌ عن التفقُّدِ والمعالجة، وإِنِ اختارَه ابنُ الصَّلاح لظاهر الحديث المذكور.