التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب المزرر بالذهب

          ░44▒ باب المُزَرَّرِ بالذَّهَبِ.
          5862- وقال اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي ابن أبي مُلَيْكَةَ، عن المِسْوَر بن مَخْرَمَة، أَنَّ أَبَاهُ مَخْرَمَةَ قَالَ لَهُ: يَا بُنَيِّ، انْطَلِقْ بِنَا، بَلَغَنِي أنَّ النَّبِيَّ صلعم قَدِمَتْ عَلَيْهِ أَقْبِيَةٌ.. الحديث. وفي آخره: فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرٌ بِالذَّهَب، فَقَالَ: يَا مَخْرَمَة، هَذَا خَبَأْنَاهُ لَكَ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.
          هذا التَّعليق وصَلَه الإسْمَاعيلِيُّ عن يُوسُف القاضي، حَدَّثَنا كامِلُ بن طَلْحَة، حَدَّثَنا اللَّيث فذكره.
          وأخرجه الحَازِميُّ مِن حديثِ أبي الشيخ حَدَّثَنا عبد الله بن مُحَمَّد بن زَكَريَّا، حَدَّثَنا ابن خالدٍ البَرْمكيُّ، حَدَّثَنا اللَّيث به. وفي بعض النُّسخ: <حَدَّثَنا قُتَيْبَة، حَدَّثَنا اللَّيثُ>. كذا ذكره خَلَفٌ وغيره. وأخرجه في الشَّهادات مُتَّصلاً مِن حديثِ أيُّوب عن ابن أبي مُلَيْكَة به [خ¦2657].
          فإن قلت: قوله: (عَلَيْهِ قَبَاءٌ) ظاهرٌ في لُبسه، أجاب عنه ابن بطَّالٍ بأنَّ هذا كان في أوَّل الإسلام _والله أعلمُ_ قبل تحريم الذَّهَب والحرير.
          وأمَّا ابن التِّين فأوَّلَهُ حيث قال: قوله: (وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ) يريد: في يده لأنَّه ◙ لا يُخبِّئ لمَخْرَمَة شيئاً ثمَّ يَلبسه. وأيضاً فإنَّه حريرٌ إلَّا إنْ كان ذلك قبل تحريمه. قال: وكان مَخْرَمَةُ في خُلُقه شيءٌ فأعطاه إيَّاه لكسوة النِّساء أو يَبِيعه، وقال: وسكت عن أن يَنهاه عن لُبسهِ لعِلْم المُعْطَى بالنَّهي. قلت: هذا عجيبٌ.
          وأمَّا الحَازِميُّ فقال: إنَّه منسوخٌ بحديث جابرٍ: ((لبِسَ رسول الله صلعم يوماً قَبَاءَ دِيْبَاجٍ أُهدي إليه، ثمَّ أوشك أن يَنْزِعه)). وبحديث عُقْبَة بن عامِرٍ: ((أنَّه ◙ صَلَّى في فُرُّوج حريرٍ ثمَّ نَزَعه وقال: إنَّ هذا ليسَ مِن لِبَاس المتَّقين)).
          وفيه: أنَّ الخليفةَ والعالِم إذا زال عن موضع قُعُوده للنَّاس ونظرِه بينهم وتعليمه لهم أنَّه يجوز دعاؤه وإخراجه لِمَا يعنُّ إليه مِن حاجات النَّاس، وأنَّ خروجه لمن دعاهُ مِن التَّواضُع والفَضْل.