التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الخاتم في الخنصر

          ░51▒ بابُ الخَاتَمِ فِي الخِنْصَرِ.
          5874- ذكر فيه حديث عبد العزيز بن صُهَيْبٍ، عن أنسٍ ☺: قَالَ: اصْطَنَعَ النَّبِيُّ صلعم خَاتَمًا، قَالَ: إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا، فَلاَ يَنْقُشَنَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ. قَالَ: فَإِنِّي لَأَرَى بَرِيقَهُ فِي خِنْصَرِهِ.
          الشَّرح: السُّنَّة في الخَاتَم أن يُلبس في الخِنْصَر، وقد روى التِّرْمِذِيُّ مِن حديثِ ابن أبي موسى عن عليٍّ: ((نهاني رسول الله صلعم أن ألبس خَاتَماً في هذهِ وهذهِ وأشار إلى السَّبَّابة والوُسْطى)) ثمَّ قال: حديثٌ صحيحٌ. وابن أبي موسى هو: أبو بُرْدَة بن أبي مُوسَى واسمه عامرُ بن عبد الله بن قيسٍ.
          وحكى صاحب «الكافي» مِن أصحابنا وجهَين في جواز لبسه في غير خِنْصَرهِ.
          وفي «الرَّافعيِّ» في كتاب الوديعة: أنَّ المرأة قد تتختَّمَ في غير الخِنْصَرِ.
          وأخرجه مسلمٌ بلفظ: ((نهاني أن أجعلَ خَاتَمي في هذه أو التي تليها وأشار إلى الوُسْطى والتي تليها)).
          وفي رواية أبي داودَ بإسنادٍ صحيحٍ: ((في هذهِ أو هذهِ السَّبَّابة والوُسْطى))، شكَّ فيه الراوي.
          فَصْلٌ: ونهيه ◙ أنَّ لا ينقُشَ أحدٌ على نقش خَاتَمه هو مِن أجل أنَّ ذلك اسمهُ وصِفَتُهُ برسالة الله تعالى له إلى خَلْقه، وخَاتَم الرجل إنَّما يُنقش فيه ما يكون تعريفاً له وَسِمة تمييزه من غيره ولا يحلُّ لأحدٍ أن يَسِمَ نفسه بِسِمَةِ رسول الله ولا بِصِفتهِ.
          قال مالكٌ: ومِن شأن الخلفاء والقُضَاة نقشُ أسمائهم في خواتيمهم.
          وهذا الحديث يردُّ حديث أبي رَيْحَانةَ الذي أسلفناه فيما مضى، ويدلُّ على جواز اتِّخَاذه لجميع النَّاس إذا لم ينقُش على نقْش خَاتَمه لأنَّه لم يُبح ذلك لبعض النَّاس دون بعضٍ بل عمَّ جميعهم فلا ينقُشُ أحدٌ على نقشهِ، وقد تختَّم السَّلف بعد رسول الله صلعم وهم الأُسوة الحَسَنة. وروى مالكٌ عن صَدَقةَ بن يَسَارٍ قال: سألتُ سعيدَ بن المُسَيِّب عن لبس الخَاتَم؛ فقال: البسه وأخبِرِ النَّاس أنِّي أفتيتُكَ بذلك، فإنَّما قاله على وجه الإنكار لقول أهل الشام.