التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ترجيل الحائض زوجها

          ░76▒ بَابُ تَرْجِيلِ الحَائِضِ زَوْجَهَا.
          5925- ذكر فيه حديث عائِشَة ♦: كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلعم وَأَنَا حَائِضٌ.
          التَّرْجِيل: التَّسْرِيح، كما سلف.
          وفيه أنَّ تَرْجِيل الشَّعر مِن زِيِّ أهل الإيمانِ والصَّلاح، وذلك مِن النَّظافة، وقد روى مالكٌ عن يحيى بن سَعِيْدٍ أنَّ أبا قَتَادَة الأنصارِيَّ قال لرسول الله صلعم: إنَّ لي جُمَّةً أرجِّلُها؟ فقال ◙: ((نعم وأكْرِمها))، وكان أبو قَتَادَة ربَّما دَهَنها في يومٍ مرَّتين لِما قال رسول الله صلعم ((وأَكْرِمها)). وهذا الحديث قد أسنده البزَّار عن يحيى بن سَعِيْدٍ، عن مُحَمَّد بن المُنْكَدِر، عن أبي قَتَادَة فَذَكَره.
          وقد رُوي عن رسول الله صلعم خِلاف تأويل أبي قَتَادَة، روى عليُّ بن المَدِينيِّ عن يحيى بن سَعِيْدٍ، عن هِشَامٍ، عن الحَسَن، عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ قال: ((نهى رسول الله صلعم عن التَّرَجُّلِ إلَّا غِبًّا)).
          وروى ابن المبارك عن كَهْمَس بن الحَسَن، عن ابن بُرَيْدَة، عن رجلٍ مِن أصحاب رسول الله صلعم قال: ((نَهَى رسولُ الله صلعم عن الإِرْفَاه، قلتُ لابن بُرَيْدَة: ما الإرفاهُ، قال: التَّرَجُّلُ كلَّ يومٍ)).
          وروى ابن إسحاقَ عن عبد الله بن أبي أُمَامة، عن عبد الله بن كعْبِ بن مالكٍ، عن أبي أُمَامة قال: ذكر أصحاب رسول الله صلعم يوماً عنده الدُّنْيَا، فقال: ((إنَّ البَذَاذَة مِن الإيمان))، والمراد بهذا الحديث _والله أعلم_ بعض الأوقات، ولم يأمر بِلُزوم البَذَاذة في جميع الأحوال لِتَتَّفق الأحاديث.
          وقد أمر الله تعالى بأخذ الزِّينة عند كلِّ مَسْجد، وأمرَ نبيُّه صلعم باتِّخاذ الطِّيب وحُسن الهيئة واللِّبَاس في الأعياد وما شاكَلَ ذلك مِن المحافل.