الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: كان رسول الله إذا طاف الطواف الأول خب ثلاثًا

          1644- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ): مصغَّراً (ابْنِ مَيْمُونٍ): قال القسطلانيُّ: هكذا في جميعِ الأصول، انتهى.
          وهو الصَّواب كما في ((الفتح))، وجزمَ به أبو نُعيم، قال: وزاد أبو ذرٍّ في روايته: <هو ابنُ أبي حاتم> ولعل حاتماً اسم جدٍّ له إن ضبط أبو ذرٍّ روايته، قال: وذكر أبو عليٍّ الجياني أنه رآهُ بخطِّ الأصيلي في نسختهِ: <حدَّثنا محمد بن عُبيد بن حاتم>.
          قال: (حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ): أي: السَّبيعي الكوفي (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ): بتصغير: عبد، المعروف بالعمري (ابْنِ عُمَرَ): أي: ابن الخطَّاب (عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ): بضم العين (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلعم إِذَا طَافَ الطَّوَافَ الأَوَّلَ): أي: طوافَ القدوم أو الرُّكن لا طوافَ الوداعِ.
          (خَبَّ): بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة؛ أي: رَمَل (ثَلاَثاً): أي: في جميع الأشواط الثلاثة الأول، والرَّمَل: أن يسرعَ مشيهُ من غير عدوٍ مقارباً خطاه (وَمَشَى أَرْبَعاً): أي: في أربع مرَّات، الثانية من غير رَمَلٍ.
          (وَكَانَ): أي: رسول الله (يَسْعَى): المرادُ: يسرع فوق الرَّمَل بأن يعدو عدواً شديداً، لكن بحيثُ لا يؤذِي ولا يتأذَّى، وهذا في السَّعي، وأما الخَبَبُ المتقدِّم فهو في الطَّواف بالبيت في الأشواطِ الثلاثة الأول، وأمَّا الإسراع بين الصَّفا والمروة ففي نحو ستَّةِ أذرعٍ، كما مرَّ.
          (بَطْنَ المَسِيلِ): بنصب ((بطنَ)) على الظَّرفية؛ أي: في المكان الذي يجتمعُ فيه السَّيل، وهذا بحسبِ ما كان، وإلا فالسيولُ كنسته فيسعَى حين يدنو من الميلِ الأخضر المعلَّق بجدار المسجدِ قدرَ ستَّة أذرع، ثمَّ يمشِي على هينتهِ إذا قابلَ الميلين الأخضَرين اللذين أحدهما بجدارِ المسجد، والآخرُ بدارِ العباس، وقدَّم أثر ابن عُمر الموقوف على هذا المرفوع؛ لكون هذا مفسِّراً لحد السَّعي.
          ومطابقةُ الحديثِ للترجمةِ في قوله: ((وكان يسعَى بطنَ المسيلِ)).
          (إِذَا طَافَ): ظرف لـ((يسعى)): أي: يسرعُ إذا سعى (بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ): فيفعلُ ذلك ذهاباً وإياباً.
          (فَقُلْتُ لِنَافِعٍ): من كلامِ عُبيد الله سؤالاً عن الطَّواف بالبيت (أَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ): أي: ابن عمر (يَمْشِي): من غير رمل (إِذَا بَلَغَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ؟): بتخفيف التَّحتية على الأشهر (قَالَ: لاَ، إِلاَّ أَنْ يُزَاحَمَ): بالزاي، مبنيًّا للمفعول (عَلَى الرُّكْنِ): أي: فإنه لا يرمل بل يمشِي، ليكون أسهلَ لاستلامهِ الحجر (فَإِنَّهُ كَانَ لاَ يَدَعُهُ): أي: لا يتركُ الركن (حَتَّى يَسْتَلِمَهُ).