الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب التعجيل إلى الموقف

          ░90م▒ (بَابُ التَّعْجِيلِ إِلَى المَوْقِفِ): أي: استحبابُ تعجيلِ الرَّواح إلى عرفاتَ للوقوف بها، ورأيتُ في بعض الأصول: <باب التعجيل بالوقوف إلى الموقف> لكن بعدَ الزوالِ، يوم التاسع من ذي الحجة؛ فإنَّ التَّعجيل قبل ذلك لا يُسَن، إلا إن وقعَ في شكٍّ.
          قال في ((الفتح)) وغيره: كذا للأكثر، هذه التَّرجمةُ بغير حديث، وسقط بالكليَّةِ / من روايةِ أبي ذرٍّ وابن عساكر، ووقع في نسخة الصَّغَاني، ما لفظه: ((يدخل في الباب حديثُ مالكٍ، عن ابن شهابٍ)): يعني: المذكورَ في الباب قبله ((ولكني أريدُ أن أُدخِل فيه غير معادٍ)).
          وقال أبو ذرٍّ: أنه رأى في بعض النُّسخ عقِبَ هذه التَّرجمة: ((قال أبو عبد الله)) يعني: البخاري ((حديث مالك)) أي: المذكورُ قبل ((يذكرُ هنا، ولكني لا أريدُ أن أدخل فيه)) أي: في هذا الجامع ((معاداً)) أي: مكرراً، فإن وقع ما يوهمُ التكرار فتأمَّله تجدهُ لا يخلو من فوائدَ إسنادية، أو مَتْنيَّة لتقييدٍ مهملٍ، أو تفسير مبهمٍ، أو زيادةٍ لا بدَّ منها، ونحو ذلك، وما وقعَ له بخلاف ذلك، فهو بغير قصدٍ، ونادرُ الوقوع.
          وقال الكرمانيُّ: إنه رأى في بعض النُّسخ عقِبَ الترجمة: ((قال أبو عبد الله)): يعني: المصنِّف ((يزاد في هذا الباب هَمْ حديثُ مالك، عن ابنِ شهاب، ولكنِّي لا أريدُ أن أدخل فيه معاداً)): أي: مكرراً، وقال: وكلمة ((هَمْ)) بفتح الهاء وسكون الميم، قيل: إنها فارسيَّةٌ، وقيل: عربية، ومعناها قريبٌ من معنى أيضاً، انتهى.
          قال في ((الفتح)): قلتُ: صرَّح غير واحدٍ من علماءِ العربية ببغداد، أنها لفظةٌ اصْطَلح عليها أهلُ بغداد، وليست بفارسية، ولا عربيَّةٍ قطعاً، وقد دلَّ كلام الصَّغَاني في نسختهِ التي أثبتَها وحرَّرها _وهو من أئمَّةِ اللغة_ خلُوِّ كلام البخاريِّ عن هذه اللفظة، انتهى فتأمَّله.