الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الإدلاج من المحصب

          ░151▒ (باب الادِّلاَجِ): بهمزة وصل وتشديد الدال المهملة في رواية الأكثر، مصدر: ادَّلج _بتشديد الدال_ وأصله: ادتلج بتاء الافتعال فقلبت دالاً، وأدغم فيها الدال كالادِّخار (مِنَ الْمُحَصَّبِ): متعلقٌ بالادِّلاج؛ أي: بعد المبيت به؛ لأنه سُنَّةٌ كما مرَّ، ولأبي ذرٍّ كما في ((الفتح)): الإِدْلاج بهمزة قطعٍ مكسورة ودالٍ واحدة ساكنةٍ، مصدر: أَدلجَ، كأَكرَمَ.
          قال في ((الفتح)) وتبعوه: والصوابُ تشديد الدال؛ لأنَّ المشدد سيرُ آخر اللَّيلِ، وهو المرادُ من الترجمة، وأمَّا المخففُ فهو سيرُ أول الليل، وليس بمرادٍ، قال: ويحتملُ أنَّ الترجمةَ لرحيلِ عائشةَ مع أخيها للاعتمارِ، وقد رحلَتْ معه أوَّلَ الليلِ فقصدَ بها التَّنبيهَ على أنَّ المبيتَ بالمحصَّبِ ليس بلازمٍ. انتهى ملخَّصاً.
          وأقول: في كلٍّ من الاحتمَالين شيءٌ؛ لأنا إنْ حملنَا التَّرجمة على الأوَّل لزمَ ألا تصحَّ روايةُ أبي ذرٍّ، وإن حملنَاها على الثَّاني لزمَ ألا تصِحَّ روايةُ الأكثر إلا أنْ يرادَ في كلٍّ منهما مطلقُ السَّير مجازاً من إطلاق الخاصِّ على العام، فيصحُّ الاحتمَالان على الرِّوايتين، فتأمَّل.
          وقيل: كلٌّ من الفعلينِ يستعملُ في مطلَقِ السَّير، وعليه فلا إشكالَ، فافهم.