الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما لا يلبس المحرم من الثياب

          ░21▒ (بَابُ مَا لاَ يَلْبَسُ): بفتح أوله وثالثه (الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ): بيان لـ((ما لا يلبس)): أي: ما لا يجوز لبسهُ للمحرمِ سواءٌ كان محرماً بحجٍّ أو بعمرةٍ أو بهما أو متمتِّعاً.
          قال ابنُ دقيقِ العيد: كان شيخنا العلَّامة ابن عبد السلام يستشكلُ معرفة حقيقةِ الإحرام، ويبحثُ فيه كثيراً ويقول: إن كان النِّيَّة يردُ عليه أن النية شرطٌ في الحجِّ الذي الإحرام ركنه، وشرطُ الشَّيء غيره، وإن كان التلبية يردُ عليه أنها ليست بركنٍ، والإحرام ركنٌ هنا، وكان يحومُ على تعيين فعلٍ يتعلَّق به النية في الابتداءِ.
          وأُجيب: بأن الإحرامَ: الدُّخول في الحرمة؛ أي: حرمة لبس المخيطِ والطِّيب ودهنِ الرأس واللحيةِ وإزالة الشَّعر والظُّفر والجماعِ ومقدِّماته والصيد، والنِّيَّة مغايرةٌ له لشمولها له ولغيره؛ ولأنها قصدُ الشَّيء تقرُّباً إلى الله، فأركانُ الحج مثلاً: الإحرامُ والوقوفُ والطَّواف والسَّعي والنِّيَّة، فعل كلٍّ من الأربعة تقرباً إلى الله بها، وبهذا التَّقدير يزولُ الإشكال، وكان الذي كان يحرمُ عليه ما ذكر.
          وقال في ((الفتح)): والذي يظهرُ أنه مجمعُ الصِّفة الحاصلةِ من تجرُّدٍ ونيَّةٍ ونحو ذلك، انتهى فليتأمَّل.