الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب رفع الصوت بالإهلال

          ░25▒ (بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالإِهْلاَلِ): أي: طلب رفعهِ بالتلبيةِ، فقد قال الطَّبري: الإهلالُ هنا: رفع الصَّوت بالتَّلبية، وكل رافعٍ صوته بشيء فهو مُهلٌّ به، وأما أهل القوم الهلال فأرى أنَّه من هذا؛ لأنهم كانوا يرفعونَ أصواتهم به عند رؤيته، انتهى.
          وسيأتي بعد أبواب اختيارُ البخاريِّ خلاف هذا.
          وقال عياض: الإهلالُ بالحجِّ: رفع الصوتِ بالتَّلبية، واعترضَه في ((المصابيح)): بأنه كيف يلتئمُ حينئذٍ قوله: ((بالإهلال)) مع قوله: ((رفع الصَّوت))؟ انتهى.
          وقد يقال: هذا بيانٌ لأصله، أو في مثل الإهلال بالحجِّ، وإلا فالمرادُ به هنا: التَّلبية، فتأمل.
          وقال عياضٌ أيضاً: واستهلَّ المولود: رفعَ صوته، وكلُّ شيء ارتفعَ صَوته فقد استهلَّ، وبه سمِّي الهلال؛ لأن الناس يرفعون أصواتَهُم بالإخبارِ عنه.
          واستبعدهُ ابنُ المنير: بأن العرب ما كانت تعتني بالأهلَّة؛ لأنها لا تؤرخُ بها، والهلالُ مسمى بذلك قبل العناية بالتَّاريخ، وبأن جعل الإهلال مأخوذاً من الهلال أولى لقاعدةٍ تصريفيَّة هي: إذا تعارض الأمر في لفظين أيهما أخذَ من الآخر جعلنا اللَّفظ المتناول للذوات أصل اللفظ المتناول بالمعاني، والهلالُ ذاتٌ، والإهلال معنى، انتهى فاعرفه.