الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق

          ░126▒ (بابُ مَنْ لَبَّدَ) بتشديد الموحدة (رَأْسَهُ) أي: شعرهُ.
          وتقدم في باب التَّمتع والإقران، وفي غيره أنَّ التَّلبيدَ سُنَّةٌ، وأنه جعلُ شيءٍ في الشَّعر يمنع من الانتتاف كالصَّمغ في نحو غاسول، ثم يلطخ به رأسَه ليجتمعَ ويتلبَّد فلا يتخلَّلُه غبارٌ، ولا يصيبهُ شعثٌ، ولا يحصلُ فيه قملٌ (عِنْدَ الإِحْرَامِ) أي: عند إرادته.
          (وَحَلَقَ) أي: رأسه، عطف على ((لبد)) والمرادُ حلقُهُ عند التَّحلُّل من الإحرامِ، قيل: أشارَ بهذه التَّرجمةِ إلى الخلاف فيمن لبَّدَ رأسَه، هل يتعيَّنُ عليه الحلقُ أو لا؟ فنقل ابنُ بطَّالٍ عن الجمهور تعيُّنَ ذلك، منهم الأئمة الأربعة وإسحاق والثَّوري وأبو ثور، كما فعل النَّبيُّ عليه السلام، وبذلك أمر عُمرُ كما سيأتي في اللباس أنه قال: مَن ضفرَ رأسه فليحلقْ ولا تشبهوا بالتَّلبيد. انتهى.
          والصَّحيحُ عند الشَّافعية عدُم تعيُّنِ الحلق على الملبد، وبه قال أهل الرَّأي، بل إن شاء حلقَ وإنْ شاء قصَّرَ، وليس للأولين دليلٌ صريح.