-
مقدمة كتاب الفيض الجاري
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
[كتاب التيمم]
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة
-
باب مهل أهل الشام
-
باب مهل أهل نجد
-
باب مهل من كان دون المواقيت
-
باب مهل أهل اليمن
-
باب: ذات عرق لأهل العراق
-
باب [نزول البطحاء والصلاة بذي الحليفة]
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب التمتع
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب: من أين يخرج من مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كان بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: إذا رأى سيرًا أو شيئًا يكره في الطواف قطعه
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب التعجيل إلى الموقف
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من قلد القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب من نحر هديه بيده
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب نحر البدن قائمة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب يتصدق بجلود الهدي
-
باب: يتصدق بجلال البدن
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب بدء الخلق
-
[كتاب أحاديث الأنبياء]
-
[كتاب المناقب]
-
[كتاب فضائل الصحابة]
-
[كتاب مناقب الأنصار]
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
░76▒ (بَابُ مَا جَاءَ): أي: وردَ (فِي زَمْزَمَ): أي: في فضلها من غسل صدرِ النَّبي منها، أو من شربهِ منها قائماً.
وقال في ((الفتح)): كأنه لم يثبت عند المصنف في فضلها صريحاً حديثٌ على شرطهِ، وقد وقعَ في مسلمٍ من حديث أبي ذرٍّ: ((إنها طَعَامُ طُعْمٍ))، وزاد الطيالسي من الوجهِ الذي أخرجهُ منه مسلمٌ: ((وشِفَاءُ سُقمٍ)).
وفي ((المستدرك)) عن ابن عباس مرفوعاً: ((ماءُ زَمزَم لما شُرِبَ له))، رجاله موثَّقون، لكن اختلف في إرسالهِ ووصله، وإرسالهُ أصحُّ، وله شاهدٌ من حديثِ جابر، أخرجه الشافعي وابن ماجه، انتهى.
وقولُ العيني: إن حديثَ الباب يدلُّ قطعاً على فضلها حيث غُسِل به صدره الشريف، انتهى، لا يرد على ((الفتح))، فتأمَّل، نعم هو أفضلُ المياه حتى الكوثر كما قاله البُلقيني وغيره، قالوا: وإلا لغسل قلبهُ به.
لكن اختارَ الجلال السيوطي في ((الأجوبة الفئة عن الأسئلة المائة)): أن الكوثرَ أفضلُ، قال: لأنه عطيَّةُ الله لنبيِّه محمد، وأما زمزم فعطيَّةُ الله لإسماعيلَ؛ ولأن الكوثرَ مصرَّحٌ بذكره في القرآنِ في معرض الامتنانِ مسنداً إلى نون العظمة، ونقل عن الحافظِ ابن حَجر أنه قال: ماءُ زمزم أفضلُ مياه الدُّنيا، وماء الكوثرِ أفضلُ مياهِ الآخرة، انتهى.
وليسَ فيه التفصيلُ والخلاف في ما عدا النابعِ من بين أصابعهِ عليه السلام، وقد نظم ذلك بعضهم مرتباً فقال:
وَأَفْضَلُ المِيَاهِ مَاءٌ قَدْ نَبَعْ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ النَّبِيِّ المُتَّبَعْ
يَلِيْهِ مَاءُ زَمْزَمَ فَالْكَوْثَرُ فَنِيْلُ مِصْرَ ثُمَّ بَاقِي الأَنْهُرُ
وزَمزَم: بفتح الزاءين وسكون الميم الأولى، ويقال فيها: بضم أولها وفتح الميم الأولى مخففة ومشددة وكسر الزاي الثانية.
ونقلَ الأزهريُّ عن ابن الأعرابي: أنه يقالُ فيها: زممم _بثلاث ميمات_ وهي ممنوعةٌ من الصرف للعلمية والتأنيث؛ لأنها _كما قال النَّووي وغيره_ علمٌ لبئرِ المسجد الحرام، بينها وبين الكعبة ثمانية وثلاثون ذراعاً.
قال الأزرقيُّ: كان ذرع زمزمَ من أعلاها إلى أسفلها ستين ذراعاً، كلُّ ذلك بنيانٌ وما بقيَ فهو جبلٌ منقور، وهي تسعة وعشرون ذراعاً، وذرع تدوير فمِ زمزم أحد عشر ذراعاً، وسعة فمِ زمزم ثلاثة أذرع وثلثا ذراع، وعلى البئرِ ملبن ساج مربع، فيه ثنتا عشرة بكرةً يُستقى عليها، وأوَّل من عمل الرُّخام على زمزم وعلى الشباك وفرش أرضها بالرُّخام أبو جعفر في خلافته، انتهى.
وسيأتي في كتاب الأنبياء أن الملك بحثَ موضع زمزم بعقبهِ أو بجناحهِ حتى ظهر الماءُ لإسماعيل.
وذكرَ الزمخشري في ((ربيع الأبرار)): أن جبريلَ عليه السلام أنبطَ بئرَ زمزم مرَّتين: مرَّةً لآدمَ عليه السلام، ومرَّةً لإسماعيل عليه السلام.
ولها أسماءُ كثيرة، وكثرتها تدلُّ غالباً على شرفِ المسمى، فمنها: زمزم، سمِّيت بذلك لكثرةِ مائها يقال: ماء زمزم وزمزوم وزمازم، إذا كان كثيراً، وقيل: سمِّيت بذلك لزمِّ هاجر _أي: ضمها_ لمائها بالتراب حين انفجرت لإسماعيلَ لما رَكَضها برجله، ولو تركتها لساحت على الأرضِ حتى صارتْ ماء معيناً، كما وردَ في الحديثِ، وقيل: سمِّيت بذلك لاجتماعها، وقيل لحركتها، وقيل: لزمزمةِ جبريل وكلامه عليها.
وأخرج الفاكهيُّ بسندٍ صحيح عن مجاهدٍ أنه قال: سُمِّيت زمزم؛ لأنها مشتقَّةٌ من الهزمةِ، وهي الغمزةُ بالعقبِ في الأرض.
وقال الكلبي: سمِّيت زمزم؛ لأن بابلَ بن ساسان لما سارَ إلى اليمن دفن سيوفاً قلعيَّةً وحلي الزَّمازمة في موضعِ بئر زمزم، فلما احتفرها عبد المطلب أصاب السُّيوف والحليَّ فيه، فسمِّيت زمزم، وقيل: حفرها الخليلُ عليه السلام بعد جبريلَ ثم عبد المطلب بعد دفن جرهمَ لها، حين أُخرِجوا من الحرمِ لبغيهم واستخفافهم بالحَرَم، فبقيت مدفونةً لا يعلمُ مكانها أحدٌ إلى زمن عبد المطلب فأريَ موضعها في المنام، ودلَّهُ الله عليها بعلاماتٍ.
ومن أسمائها: طعامُ الأبرار، كما قاله النووي، وروى الفاكهي وغيره عن ابن عبَّاس قال: صلُّوا في مصلى الأخيار واشربوا من شرابِ الأبرار، قيل: وما مصلَّى الأخيار؟ قال: تحتَ الميزاب، قيل: فما شرابُ الأبرار؟ قال: ماءُ زمزم.
ومن أسمائها: ركضةُ جبريل، وهمزة جبريل، / وهزمة جبريل _بتقديم الزاي_ وهزمةُ الملك، والمصونة، وتكتم، وأوصلها الدميري في ((رموز الكنوز)) إلى ستة وعشرين اسماً، لكن ليس منها بعض ما تقدم كتكتم وشراب الأبرار، فقد ذكرهما النووي في ((التهذيب)) فقال:
وبلغت أسماء زمزم إلى ست وعشرين فخذ على الولاء
أشهرها في الذكر بئر زمزم طعام طعم وشفاء سقم
سقيا الذبيح برة ميمونة هزمة جبريل كذا يروونه
مروية مغذية وعافية بركة وعصمة وكافيه
شباعة العيال والمباركة بشرى نفوس لهواها تاركه
حِرميّة مؤنسة وعونه سيدة سالمة مصونة
صافية نافعة وطاهرة وظبية وزن الغزال النافرة
ووردَ في فضلها أحاديث كثيرة، منها: ما مرَّ آنفاً.
ومنها: ما في ((غريب الحديث)) لابن قُتيبة عن عليِّ بن أبي طالب أنه قال: خيرُ بئرٍ في الأرض زَمزم، وشرُّ بئرٍ في الأرضِ برهوت.
وذكرهُ الأزرقي في كتاب ((مكة)) عن ابن جُريج بلفظ: سمعتُ أنه يقال: خيرُ ماء في الأرض ماءُ زمزم، وشرُّ ماءٍ في الأرض ماءُ برهوت.
ومنها: ما رواهُ الحاكم في ((المستدرك)) كما مرَّ وكذا الدَّارقطني وغيرهما عن ابن عباس رفعه: ((ماءُ زَمزَم لما شُرِب له))، ورواهُ أيضاً ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجه والعقيلي والبيهقي والخطيب وغير واحدٍ من الأئمَّة عن جابر، وهو حديثٌ مشهور، وليس بموضوعٍ ولا ضعيف، بل هو حسنٌ أو صحيحٌ عكس حديث: ((البَاذِنجَان لما أُكِل له)) فإنه موضوعٌ كما نبه على ذلك كثيرٌ من العلماء، منهم: الشيخ إبراهيم الناجي؛ فإنه ألَّفَ في ذلك رسالةً سماها: ((قلائد المرجان في الوارد كذباً في الباذنجان)) وذكر فيها أن بعضَ فقهاء زمانهِ انقلبَ عليه الأمر.
قال: وقد ردَّ عليه شيخنا ابنُ ناصر الدين بما منه: وهل عالمٌ بل عاقلٌ بل إنسان يذهبُ إلى صحَّة حديث الباذنجان الذي وضعه بعضُ أهل الافتراء والطغيان؟ ويوهى الحديث المحكم الثابت في ماءِ زمزم، وما ذاك إلا لاستيلاءِ شبهة الضَّلالة وضيقِ دائرة الجهالةِ عليه، ولو قطعها ومالَ في طرفِ الطلب والسُّؤال لوضحَ الحق لديه، وعلمَ بالتنقيب بُطلان هذا الحديثِ الذي استندَ إليه.
وأطالَ النَّاجي في هذه الرسالةِ، وذكر لفظ حديث الباذنجان الموضوع بسندٍ مصنوع إلى ابن عباس أنه قال: كنا في وليمة رجل من الأنصار فأتى بطعام فيه باذنجان، فقال رجلٌ من القوم: يا رسولَ الله إن الباذنجان يهيج المرار وييبسَ اللسان قال: فأكلَ رسول الله باذنجانةً باذنجانةً في لقمة، فأعادَ الرجل فقال رسول الله صلعم: ((إنما البَاذِنجَان شفاءٌ من كُلِّ داءٍ ولا داءَ فيه)).
وقال: وأوردهُ ابن الجوزي في ((الموضوعات)) وقال: فلا سَقَى الله الغيث قبرَ من وضعَه؛ لأنه قصدَ شينَ الإسلامِ بنسبةِ رسول الله صلعم إلى ترك الأدبِ في أكلِ باذنجانةٍ في لقمةٍ، قال: والباذنجانُ من أردأ المأكولات خلطهُ، رديءٌ يستحيل مرَّة سوداء ويورثُ السدد والبواسير وداء السَّرَطان، وذكرَ فيها أن الذهبيَّ ذكره في ((الميزان)) عن أبي العشراء عن أبيه مرفوعاً بلفظ: ((البَاذِنجانُ شِفاءٌ من كلِّ داءٍ))، ثمَّ قال فيه: لا يُدرَى من هوَ ولا أبوه.
ثم ذكر الناجي عن شيخهِ ابن ناصر الدين: أنَّ الديلمي ذكرَ في كتابه ((الفردوس)) بلا إسنادٍ عن أبي هريرة مرفوعاً: ((كُلُوا البَاذِنجَانَ وأكثِرُوا مِنهُ؛ فإِنَّها شجرَةٌ رأَيتُها في جنَّةِ المَأوَى، شَهِدت للَّهِ بالحَقِّ، ولِي بالنُّبوَّةِ، ولعَلِيٍّ بالولايَةِ، فمن أكَلَها على أَنَّها داءٌ كَانَت دَاءَ، ومن أكَلَها على أَنَّها دَواءٌ كانَت دَوَاء))، وذكرَ فيه أيضاً عن أنس رفعه: ((كُلُوا البَاذِنجَانَ وأَكثِرُوا منْهُ؛ فإنَّهَا أوَّلُ شجرَةٍ آمَنَت باللَّهِ ╡))، قال: وأخرجَ الأخيرُ ولده في ((مسند الفردوس))، قال شيخنا: وليتهما لم يخرجا ذلك أو بيَّنا وضعَه.
ثم قال: وقد ولد الحديثين بعض الكذابين وجعلهما حديثاً واحداً بزيادة: فزعمَ أن النبي كان يأكلُ الباذنجان ويقول: ((من أكلهُ على أنَّهُ داءٌ كان داءَ، ومن أكلهُ على أنَّهُ دواءٌ كان دَواءَ)) ويقول: ((نعمَ البقلةُ، لبِّنُوهُ وزيِّتُوهُ وكُلُوا منه وأكثِرُوا؛ فإنَّها أوَّلُ شجرةٍ آمنَتْ باللَّهِ، وإنها تورِثُ الحكمَةَ وترطِّبُ الدِّمَاغ / وتقوِّي المثَانَةَ وتُكثِر الجماعَ)).
قال شيخنا: هذا كذبٌ مفترى لا يحلُّ ذكره مرفوعاً إلا بكشفِ ستره وعدِّهِ موضوعاً، ولولا أن بعض المصنفين ذكره في كتاب سمَّاه: ((شرعة الإسلام إلى دار السلام)) لم أذكرهُ إخماداً لذكره.
قال: وقد حكمَ بوضعِ حديث الباذنجان غير واحدٍ من أئمَّة هذا الشأن، وذكر منهم: ابنُ القيم والصَّنعاني وصاحبُ ((القاموس)) والزركشي والدميري، ثمَّ ذكرَ له مضار كثيرة وأطالَ، فجزاه الله خيراً.
وقال _كغيره_: وقد شربَ ماءُ زمزم من لا يُحصى من الأعيانِ لمطالب جليلة دينيَّة ودنيوية فنالوها، ويسنُّ لمن يريد شربهُ أن يقول: اللهمَّ بلَغَني أن رسولكَ محمداً صلعم قال: ((ماء زَمزَم لما شُرِب له))، اللهمَّ وأنا أشربه لكذا، فأولى ما يشربهُ الإنسان لدوام الإيمان ورضا الملِكِ الدَّيَّان ولدخولِ الجنانِ من غير سابقة عذابٍ ولا هوانٍ حقق الله لنا ذلكَ.
وفي ((شرف المصطفى)): أن أم أيمن قالت: ما رأيتُ رسول الله صلعم شكى جوعاً قط ولا عطشاً إلا كان يغدو إذا أصبحَ فيشربُ من ماءِ زمزم شربةً، فربما عرضنا عليه الطعام فيقول: ((أنا شبعي)).
وجاءَ عن عُقيل بن أبي طالب قال: كنا إذا أصبحنا وليس عندنا طعامٌ قال لنا أبي: ائتوا زمزمَ، فنأتيها فنشربُ منها فتجزئ.
وفي مسلمٍ: شرب أبو ذرٍّ منها ثلاثين يوماً وليس له طعامٌ غيره، وأنه يسمنُ فأخبر بذلك النبي صلعم فقال: ((إنها مباركَةٌ، إنها طعامُ طُعْمٍ)).