-
مقدمة كتاب الفيض الجاري
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
[كتاب التيمم]
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة
-
باب مهل أهل الشام
-
باب مهل أهل نجد
-
باب مهل من كان دون المواقيت
-
باب مهل أهل اليمن
-
باب: ذات عرق لأهل العراق
-
باب [نزول البطحاء والصلاة بذي الحليفة]
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب التمتع
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب: من أين يخرج من مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كان بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: إذا رأى سيرًا أو شيئًا يكره في الطواف قطعه
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب التعجيل إلى الموقف
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من قلد القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب من نحر هديه بيده
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب نحر البدن قائمة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب يتصدق بجلود الهدي
-
باب: يتصدق بجلال البدن
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب بدء الخلق
-
[كتاب أحاديث الأنبياء]
-
[كتاب المناقب]
-
[كتاب فضائل الصحابة]
-
[كتاب مناقب الأنصار]
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
░82▒ (بَابُ): بالتنوين وتركه (الإِهْلاَلِ): يعني: وجوبَ الإحرام بالحجِّ (مِنَ الْبَطْحَاءِ): بفتح الموحدة والمد، مؤنَّثُ: أبطح متعلِّقٌ بالإهلال، كقوله: ((للمكي)) الآتي، وهذا على جرِّ ((الإهلال)) فإن رفعتهُ بالابتداء فأحدُ الظرفين متعلِّقٌ به، والآخرُ خبر، فافهم.
والمرادُ بالبطحاء: المحصب، وقال كثيرون: هو وادي مكَّة.
(وَغَيْرِهَا): أي: ومن غيرِ البطحاءِ، لكن بشرطِ أن يكون في موضعٍ من الحرم (لِلْمَكِّيِّ): أي: لمن كان فيها وإن لم يكن من أهلها إذا أرادَ أن يُنشئ حجًّا منها (وَلِلْحَاجِّ): أي: وللآفاقيِّ الذي دخل مكَّة متمتِّعاً وفرغ من العمرةِ (إِذَا خَرَجَ): أي: أراد الخروجَ (إِلَى مِنًى): أي: للحجِّ، كذا في بعض الأصول المعتمدة من طريق أبي الوقت بـ((إلى)) الجارة، وكذا ذكرها ابن بطَّال في ((شرحه)) والإسماعيلي في ((مستخرجه))، وهي واضحةٌ.
ووقعَ في معظم الروايات كما في ((الفتح)): <من منى>، قال: فلعلَّهُ أشارَ إلى الخلاف في ميقات المكيِّ، قال النووي: ميقاتُ من بمكَّة من أهلها أو غيرهم نفس مكَّة على الصحيح، وقيل: مكَّة وسائرُ الحرم، انتهى.
والثاني: مذهبُ البخاريِّ وكذا الحنفيَّةُ والمالكية، ففي ((مناسك الحصري)) من الحنفيَّة: الأفضلُ لأهل مكَّة أن يحرموا من منزلهم ويسعهم التأخُّر إلى آخرِ الحرمِ بشرط أن يدخلوا الحلَّ محرمين، فلو دخلوا من غير إحرامٍ لزمهم دمٌ كالآفاقي.
وقال المهلَّب من المالكية: من أنشأَ الحجَّ من مكة فله أن يهلَّ من بيته، أو من المسجدِ الحرام أو من البطحاءِ _وهو طريقُ مكة_ أو من حيث أحبَّ فيما دون عرفة، فذلك كله واسعٌ؛ لأن ميقات أهل مكَّة منها، وليس عليه أن يخرجَ / إلى الحل؛ لأنه خارجٌ في حجَّته إلى عرفةَ فيحصل له بذلك الجمعُ بين الحلِّ والحرم بخلاف منشئ العمرة من مكة، انتهى.
أي: فإنه لا بدَّ أن يخرجَ إلى أدنى الحلِّ من أيِّ جهةٍ كان، وهذا ما نقلهُ ابن بطَّال وغيره عن المهلَّب، لكن الذي في كتبِ المالكية: أن ميقاتَ الحاج المقيم بمكَّة نفسها، فليراجع وليحرَّر.
وقوله: وليسَ عليه أن يخرجَ إلى الحلِّ؛ أي: بل لا يجوز له ذلك ليحصلَ الجمع بين الحلِّ والحرم، ومن ثمَّ أوجبوا على مُنشِئ العمرة من مكَّة أن يخرجَ إلى أدنى الحلِّ، فافهم.
فلو أحرمَ عندنا بالحجِّ من خارج مكَّة ولم يعد إليها قبلَ الوقوف بعرفةَ أساء ولزمه دمٌ، ومذهبُ أحمد كالشَّافعي، والأفضل من باب منزلهِ، وقيل: من المسجد.
قال في ((الفتح)): واختلفوا في الوقت الذي يهلُّ فيه، فذهبَ الجمهورُ إلى أن الأفضلَ كونه يوم التَّروية، قال ابنُ المنذر: إلا للمتمتِّع الذي لا يجدُ الهديَ وهو يريد الصَّوم فيعجِّلُ الإهلال ليصومَ الثلاثة أيامٍ بعده، وروى مالكٌ وغيره بسندٍ منقطع، وابن المنذر بسندٍ متَّصلٍ عن عمر أنه قال لأهلِ مكة: ما لكُم يقدُم عليكم الناس شعثاً وأنتم تنضحون طيباً؟ إذا رأيتم الهلالَ فأهِلُّوا بالحجِّ، وهو قولُ ابن الزبير، انتهى.
(وَسُئِلَ عَطَاءٌ): أي: ابنُ أبي رباح مما وصله سعيد بنُ منصور بلفظ: رأيتُ ابن عمر في المسجد فقيل له: قد رُؤِي الهلال، فذكر قصَّة فيها: فأمسكَ حتى كان يوم التَّروية، فأتى البطحاءِ، فلما استوتْ به راحلته أحرمَ.
وروى مالك في ((الموطأ)): أن ابن عُمر أهلَّ لهلالِ ذي الحجة وأخر الطواف والسَّعي حتى رجعَ من منى، وذلك أنه كان يرى التوسعةَ في ذلك.
(عَنِ الْمُجَاوِرِ): بالجيم؛ أي: الموجودِ بمكة (يُلَبِّي بِالْحَجِّ): ولأبي ذرٍّ: <أيلبي> بهمزة الاستفهام (قَالَ): ولأبوي ذرٍّ والوقت: <وقال> (وَكَانَ): بالواو، ولابن عَساكر بالفاء، ولأبي ذرٍّ بحذفهما (ابْنُ عُمَرَ): أي: ابن الخطاب (يُلَبِّي يَوْمَ التَّرْوِيَةِ): بفتح الفوقية وسكون الراء وكسر الواو، وهو ثامنُ ذي الحجة، سُمِّي بذلك؛ لأنهم كانوا يتروون فيه من الماء ويروونَ إبلهم؛ لأن تلكَ الأماكن لم يكن فيها حينئذٍ مياهٌ، وأمَّا الآن فقد كثُرَتْ واستغنوا عن حملها.
وفي ((الفتح)): روى الفاكهيُّ في كتاب ((مكة)) من طريقِ مجاهدٍ قال: قال عبدُ الله بن عمر: يا مُجاهد إذا رأيتَ الماء بطريقِ مكَّةَ، ورأيت البناءَ يعلو أخاشبها فخُذْ حِذْرَك. وفي رواية: فاعلم أنَّ الأمر قد أظلَّكَ، انتهى.
فليتأمَّل المرادَ من الأمرِ الذي أظلَّه. وقيل: سُمِّي بيوم التَّرويةِ؛ لأنَّ آدم رأى فيه حوَّاء، وقيل: لأن جبريل أرى فيه إبراهيمَ مناسك الحج.
وذكر في ((الفتح)) في الباب الآتي: أنه ما عدا الأول شاذٌّ، وبين وجههُ بما قد يُمكن الجواب عنه، فتأمَّل.
واعترضهُ العيني فقال: هذا يدلُّ على أن أصلها صحيحٌ في الاشتقاق؛ لأن الشاذ: ما يكثرُ استعماله ولكنه على خلافِ القياس، لكن هذا القائلَ لو عرف الاشتقاقَ بين المصدر والأفعال التي تشتقُّ منه لما صدر منه هذا الكلام، انتهى.
وأقول: لا يخفى أن الشاذَّ لا ينحصرُ فيما يكثرُ استعماله، بل هو ثلاثة أقسامٍ، فتدبَّر.
وقيل: لأن رؤيا إبراهيم عليه السلام ذبح ولده كانت في ليلتهِ فتروَّى في أنَّ ما رآه من الله أو من الرأي _بالهمز_، أو لأنَّ الإمامَ يروي للنَّاس مناسكهم من الرواية.
وقوله: (إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ): أي ظهرَ يوم التروية (وَاسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ): الظرف متعلق بـ((يلبي))، و((استوى)) معطوفٌ على ((صلى))، وفي بعض الأصولِ المعتمدة: ((ويستوي)) مضارع.
ووجهُ دلالتهِ على الترجمةِ _كما قال الكرماني_ أن الاستواءَ على الراحلة كنايةٌ عن السَّفر فابتداء الاستواءِ هو ابتداءُ الخروجِ من مكة إلى منى.
(وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ): أي: ابن عبد العزيز المشهورُ بابن جريجٍ، كما قاله الكرماني.
وقال في ((الفتح)): الظَّاهرُ: أن عبدَ الملك هو: ابنُ أبي سليمان، وقد وصله مسلمٌ من طريقه عن عطاء عن جابر قال: أهلَلنا مع رسولِ الله صلعم بالحج، فلما قدمنا مكَّة أمرنا أن نحلَّ ونجعلها عمرةً، فكبُرَ ذلك علينا، الحديث.
وفيه: ((أيها الناس أحلوا))، فأحلَلْنا حتى كان يوم التَّرويةِ وجعلنا مكَّةِ بظهر أهللنا بالحج.
وروى عبد الملك بن جريج نحو القصة (عَنْ عَطَاءٍ): أي: ابن أبي رباح (عَنْ جَابِرٍ): أي: ابن عبد الله (☺: قَدِمْنَا): بكسر الدال (مَعَ النَّبِيِّ صلعم): أي: إلى مكَّة مُحرِمين بالحج، فأمرنا أن نحلَّ ونجعلها عمرةً (فَأَحْلَلْنَا حَتَّى): أي: إلى (يَوْمِ التَّرْوِيَةِ) فـ((يوم)) مجرور بـ((حتى)).
وزادَ شيخُ الإسلام نصبه على الظَّرفية، فتأمَّل، ويجوز الرفعُ على قياس ما يأتي.
(وَجَعَلْنَا مَكَّةَ بِظَهْرٍ): بتنوين وبفتح الظاء المشالة، متعلِّق بـ((جعلنا)) المعطوف على ((أحللنا))، ويحتمل أنه حال بتقدير: قد؛ أي: حين سافرنا وجعلنا مكة يوم التروية بظهرٍ؛ أي: ظهرنا / وخلفنا (لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ): أي: أحرمنا به ملبِّين، فالجملة حال، وبذلك يعلمُ وجه المطابقةِ.
(وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ): بضم الزاي؛ أي: محمَّد بن مسلم بن تَدْرُس، بفتح المثناة الفوقية وسكون الدال المهملة وضم الراء فسين مهملة (عَنْ جَابِرٍ): أي ابن عبد الله (أَهْلَلْنَا): أي: أحرمنا بالحجِّ (مِنَ الْبَطْحَاءِ): أي: الأبطح، وهذا التَّعليقُ وصله مسلمٌ وأحمد من طريق ابن جُريج عن أبي الزُّبير عن جابر بلفظ: ((أمرَنَا النَّبيُّ صلعم إذا أهلَلنَا أن نُحرِم إذا توجَّهنَا إلى مِنى))، قال: فأهللنا من الأبطحِ.
ووجه المطابقةِ فيه ظاهر في ((الفتح)).
(وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ): بالتَّصغير فيهما مما وصله المصنف في الطهارة وفي اللباس بأتم مما هنا (لاِبْنِ عُمَرَ): أي: ابن الخطَّاب (☻: رَأَيْتُكَ): أي: أبصرتُك، فالتاء مضمومة (إِذَا كُنْتَ): بفتح التاء (بِمَكَّةَ): أي: فيها (أَهَلَّ): بتشديد اللام (النَّاسُ): أي: بالحجِّ (إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ): أي: هلالَ ذي الحجة، قيل: وهو محمولٌ منهم على الاستحبابِ (وَلَمْ تُهِلَّ): بضم أوله (أَنْتَ حَتَّى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ): بالجر لأبي ذرٍّ، ويجوز النصب والرفع.
قال ابن بطال: وهو مذهبُ عمر بن الخطاب وابن الزُّبير، انتهى.
وتقدم أوَّل الباب أمر عُمر بذلك لأهل مكَّة.
(فَقَالَ): أي: ابن عمر (لَمْ أَرَ النَّبِيَّ): وفي نسخة: <رسول الله> (صلعم يُهِلُّ): بضم أوله؛ أي: يحرم ملبِّياً (حَتَّى تَنْبَعِثَ): أي: تسيرَ (بِهِ رَاحِلَتُهُ): و((تَنْبَعِث)) بفتح الفوقية وسكون النون فموحدة مفتوحة فعين مهملة مكسورة فمثلثة؛ أي: تثورَ.
قال ابن بطَّال وغيره: وجهُ احتجاجِ ابن عمر لما قاله: أنه يهلُّ يوم التَّرويةِ إذا كان بمكَّة بإهلال النَّبي، وهو إنَّما أهلَّ حين انبعثتْ به راحلتهُ بذي الحليفة، ولم يكُن بمكَّة، ولا كان ذلك يوم التَّروية من جهةِ أنه عليه السلام أهلَّ من ميقاتهِ حين ابتدائهِ في عمل حجَّتهِ، واتَّصلَ به عملهُ، فكذلك المكيُّ لا يهلُّ إلا يومَ التَّروية لا من أوَّل الشهر ليتَّصل له عمله اقتداء بالنَّبي في ذلك.
وتابعَ ابن عُمر على ذلك ابن عباس فقال: لا يهلُّ أحد من مكَّة بالحج حتى يريدَ الرواحَ إلى منى، وبه قال عطاء، واحتجَّ بأن أصحاب النَّبي عليه السلام لما دخلوا في حجَّتهم مع النبي صلعم أهلوا عشيَّةَ الترويةِ حين توجَّهوا إلى منى، قال: وأخبرني أبو الزبير عن جابر: أن النَّبي عليه السلام قال لهم في حجَّته: ((إذا أرَدتُم أن تطلُعُوا إلى مِنًى فأَهِلُّوا))، قال: فأهللنا من البَطحاءِ، انتهى.
والحاصلُ: أن كلًّا منهما جائز، لكن الأفضل: الإهلالُ بالحجِّ يوم التروية، وإليه رجعَ ابن عُمر، ففي ابن بطَّال: قال نافع: أهلَّ ابن عُمر مرَّةً بالحجِّ حين رأى الهلالَ، ومرَّةً أخرى بعد الهلالِ من جوف الكعبة، ومرة أخرى حين راحَ إلى منى، قال مجاهد: فقلتُ لابن عُمر: أهللتَ فينا إهلالاً مختلفاً؟ قال: أما أوَّل عام فأخذتُ بأخذ أهلِ بلدي _يعني: المدينة_ ثم نظرتُ فإذا أنا أدخل على أهلي حرامٍ وأخرج حراماً، وليس كذلك كنا نصنعُ، إنما كنا نهلُّ ثم نقبلُ على شأننا، قلت: فبأيِّ شيءٍ نأخذُ؟ قال: تحرمُ يوم التَّروية، انتهى فاعرفه.