الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا

          ░56▒ (بَابُ اسْتِلاَمِ): أي: استحباب استلام (الْحَجَرِ الأَسْوَدِ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ): أي: للقدومِ لا أعم، فإن طوافَ الإفاضةِ والوداع لا رَمَل فيه (وَيَرْمُلُ ثَلاَثاً): أي: في ثلاثة أطوافٍ من السَّبع، فـ((ثلاثاً)) ظرف لـ((يرمل)) و((أول)): ظرف لاستلام، وهو افتعالٌ من السِّلام _بكسر السين_ الحجارةُ؛ لأنه يلمس الحجرَ، قاله ابنُ قتيبة، أو من السَّلام _بفتحها_ التحية، قاله الأزهريُّ؛ لأن استلامَ الحجرِ سلامٌ عليه ولذا يسمِّي أهل اليمن الركن الأسود: المحيَّا.
          وقال ابنُ سيده: استلأم الحجر _بالهمز_ واستلمه: قبَّله أو اعتنقهُ، وليس أصله الهمز، وقيل: أصله استلامُ استفعال، مهموز ثم خفف بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى الساكن قبلها، من الملأمة وهي الاجتماعُ، أو من اللأمة وهي الدِّرعُ؛ لأنَّه إذا لمسَ الحجر تحصَّن بحصنٍ من العذاب، كما يتحصَّن باللأمةِ عن الأعداء.