-
مقدمة كتاب الفيض الجاري
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
[كتاب التيمم]
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الحج
-
باب وجوب الحج وفضله
-
باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر}
-
باب الحج على الرحل
-
باب فضل الحج المبرور
-
باب فرض مواقيت الحج والعمرة
-
باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
-
باب مهل أهل مكة للحج والعمرة
-
باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة
-
باب مهل أهل الشام
-
باب مهل أهل نجد
-
باب مهل من كان دون المواقيت
-
باب مهل أهل اليمن
-
باب: ذات عرق لأهل العراق
-
باب [نزول البطحاء والصلاة بذي الحليفة]
-
باب خروج النبي على طريق الشجرة
-
باب قول النبي العقيق واد مبارك
-
باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب
-
باب الطيب عند الإحرام وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ويدهن
-
باب من أهل ملبدًا
-
باب الإهلال عند مسجد ذي الحليفة
-
باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
-
باب الركوب والارتداف في الحج
-
باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر
-
باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح
-
باب رفع الصوت بالإهلال
-
باب التلبية
-
باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب
-
باب من أهل حين استوت به راحلته
-
باب الإهلال مستقبل القبلة
-
باب التلبية إذا انحدر في الوادي
-
باب: كيف تهل الحائض والنفساء
-
باب من أهل في زمن النبي كإهلال النبي
-
باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}
-
باب التمتع والإقران والإفراد بالحج
-
باب من لبى بالحج وسماه
-
باب التمتع
-
باب قول الله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
-
باب الاغتسال عند دخول مكة
-
باب دخول مكة نهارًا أو ليلًا
-
باب: من أين يدخل مكة؟
-
باب: من أين يخرج من مكة؟
-
باب فضل مكة وبنيانها
-
باب فضل الحرم
-
باب توريث دور مكة وبيعها
-
باب نزول النبي مكة
-
باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنًا}
-
باب قول الله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام}
-
باب كسوة الكعبة
-
باب هدم الكعبة
-
باب ما ذكر في الحجر الأسود
-
باب إغلاق البيت ويصلي في أي نواحي البيت شاء
-
باب الصلاة في الكعبة
-
باب من لم يدخل الكعبة
-
باب من كبر في نواحي الكعبة
-
باب كيف كان بدء الرمل
-
باب استلام الحجر الأسود حين يقدم مكة أول ما يطوف ويرمل ثلاثًا
-
باب الرمل في الحج والعمرة
-
باب استلام الركن بالمحجن
-
باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
-
باب تقبيل الحجر
-
باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه
-
باب التكبير عند الركن
-
باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته
-
باب طواف النساء مع الرجال
-
باب الكلام في الطواف
-
باب: إذا رأى سيرًا أو شيئًا يكره في الطواف قطعه
-
باب: لا يطوف بالبيت عريان ولا يحج مشرك
-
باب: إذا وقف في الطواف
-
باب: صلى النبي لسبوعه ركعتين
-
باب من لم يقرب الكعبة ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة
-
باب من صلى ركعتي الطواف خارجًا من المسجد
-
باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام
-
باب الطواف بعد الصبح والعصر
-
باب المريض يطوف راكبًا
-
باب سقاية الحاج
-
باب ما جاء في زمزم
-
باب طواف القارن
-
باب الطواف على وضوء
-
باب وجوب الصفا والمروة وجعل من شعائر الله
-
باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة
-
باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت.
-
باب الإهلال من البطحاء وغيرها للمكي وللحاج إذا خرج
-
باب: أين يصلي الظهر يوم التروية؟
-
باب الصلاة بمنى.
-
باب صوم يوم عرفة
-
باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة
-
باب التهجير بالرواح يوم عرفة
-
باب الوقوف على الدابة بعرفة
-
باب الجمع بين الصلاتين بعرفة
-
باب قصر الخطبة بعرفة
-
باب التعجيل إلى الموقف
-
باب الوقوف بعرفة
-
باب السير إذا دفع من عرفة
-
باب النزول بين عرفة وجمع
-
باب أمر النبي بالسكينة عند الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط
-
باب الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة
-
باب من جمع بينهما ولم يتطوع
-
باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما
-
باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون
-
باب من يصلي الفجر بجمع
-
باب: متى يدفع من جمع؟
-
باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة
-
باب: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}
-
باب ركوب البدن
-
باب من ساق البدن معه
-
باب من اشترى الهدي من الطريق
-
باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم
-
باب فتل القلائد للبدن والبقر
-
باب إشعار البدن
-
باب من قلد القلائد بيده
-
باب تقليد الغنم
-
باب القلائد من العهن
-
باب تقليد النعل
-
باب الجلال للبدن
-
باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها
-
باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن
-
باب النحر في منحر النبي بمنى
-
باب من نحر هديه بيده
-
باب نحر الإبل مقيدة
-
باب نحر البدن قائمة
-
باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئًا
-
باب يتصدق بجلود الهدي
-
باب: يتصدق بجلال البدن
-
باب: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت}
-
باب: ما يأكل من البدن وما يتصدق
-
باب الذبح قبل الحلق
-
باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق
-
باب الحلق والتقصير عند الإحلال
-
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
-
باب الزيارة يوم النحر
-
باب: إذا رمى بعد ما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
-
باب الفتيا على الدابة عند الجمرة
-
باب الخطبة أيام منى
-
باب: هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟
-
باب رمي الجمار
-
باب رمي الجمار من بطن الوادي
-
باب رمي الجمار بسبع حصيات
-
باب من رمى جمرة العقبة فجعل البيت عن يساره
-
باب: يكبر مع كل حصاة
-
باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف
-
باب: إذا رمى الجمرتين يقوم ويسهل مستقبل القبلة
-
باب رفع اليدين عند جمرة الدنيا والوسطى
-
باب الدعاء عند الجمرتين
-
باب الطيب بعد رمي الجمار والحلق قبل الإفاضة
-
باب طواف الوداع
-
باب: إذا حاضت المرأة بعد ما أفاضت
-
باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح
-
باب المحصب
-
باب النزول بذي طوى قبل أن يدخل مكة
-
باب من نزل بذى طوى إذا رجع من مكة
-
باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية
-
باب الإدلاج من المحصب
-
باب وجوب الحج وفضله
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب بدء الخلق
-
[كتاب أحاديث الأنبياء]
-
[كتاب المناقب]
-
[كتاب فضائل الصحابة]
-
[كتاب مناقب الأنصار]
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
░103▒ (بَابُ رُكُوبِ الْبُدْنِ): أي: جوازُ ركوبهما، ومثله نحو: تحميلها وحلبها، وهي: بضمِّ الموحدة وسكون الدال المهملة، وقد تضمُّ على الأصل، جمع: بدنةٍ، وهي من الإبلِ والبقر، ورواهُ ابن أبي شيبةَ عن عطاءٍ، وقال مجاهد: لا تكونُ إلا من الإبل.
وقال بعضُهم: هي من الإبلِ والبقر والغنم، قيل: وهو غريبٌ. انتهى.
وأقول: هذا المعنى لا يناسبُ هنا، وغرضُ المصنِّف من هذه / الترجمة: عدمُ التَّشبُّه بما كان عليه أهلُ الجاهليَّةِ من تحريم ظهورِ السَّوائبِ ونحوها.
(لِقَوْلِهِ): تعالى دليلٌ لجوازِ ركوبها، وهذا في سورة الحجِّ ({وَالْبُدْنَ}): بنصبه بفعلٍ يفسره ({جَعَلْنَاهَا}): على سبيلِ الاشتغال، وقرأ الحسنُ البصري برفعها على الابتداءِ، وخبرهُ ما بعدَه كقوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} [يس:39] وهي بضمِّ الموحدة وسكون الدال في قراءة الجمهور، وقرأ الأعرج بضمِّها، وهي روايةٌ عن عاصم.
وقال في ((الكشاف)): وقرأ ابنُ أبي إسحاقَ: بالضمتين وتشديد النون على لفظِ الوقف. انتهى.
وقال فيه أيضاً: البدن: الإبلُ خاصَّةً؛ لأنَّ رسولَ الله صلعم ألحقَ البقرَ بالإبلِ فصَارت البدنةُ في الشَّريعةِ متناولةً للجنسين عند أبي حنيفةَ وأصحابِه، وإلا فهيَ الإبلُ، والآية تدلُّ عليه. انتهى.
ولا يختصُّ تناول البَدَنة للجنسين بأبي حنيفةَ وأصحابه.
قال في ((الفتح)): وأصلُها من الإبل، وأُلحقَتْ بها البقر شرعاً. انتهى.
ولكنْ قال البيضَاوي: ولا يلزمُ مِن مشاركة البقرِ لها في إجزائها عن سبعةٍ بقوله صلعم: ((البدَنَةُ عن سبعَةٍ، والبقرَةُ عن سبعَةٍ)) تناول اسم البَدَنةِ لها شرعاً، بل الحديثُ يمنع من ذلك. انتهى فليتأمَّل.
فإنَّ ما نقلناه أول الباب قد يدلُّ لما في ((الفتح)) بل قد يدلُّ على أنَّ شمولَها للبقر معنًى لغوي.
وبذلك صرَّح في ((القاموس)) كـ((الصحاح)): قال: البَدَنَة _محركة_ من الإبلِ والبقر، كالأضحيةِ من الغنم تهدى إلى مكَّةَ للذَّكرِ والأنثى. انتهى.
لكنْ قال في ((المصباح)): البَدَنَةُ، قالوا: ناقةٌ أو بقرةٌ، وزاد الأزهري: أو بعيرٌ ذكر، قال: ولا تقع البدنةُ على الشَّاة، وقال بعضُ الأئمة: البدنةُ من الإبل خاصَّةً، ويدلُّ عليه قوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج:36] سميت بدنةً لعظم بدنها، قال: وألحقت البقرةُ بالإبلِ لقوله عليه السلام: ((تجزِئُ البدنَةُ عن سبعَةٍ، والبقرَةُ عن سبعَةٍ)).
وهو مطابقٌ لما في ((البارع)) فإنه قال: البدنة من الإبلِ، فإنه يقتضِي الحصر.
وقد صرَّحَ به الأزهريُّ أيضاً فقال في ((المختصر)): البدنةُ لا تكون إلا من الإبلِ، والهديُ يكونُ من الإبل والبقرِ والغنم.
وكذلك قال البغويُّ: لا تطلقُ البَدَنَةُ على الشَّاة، والجمع: بدنات وبُدُن أيضاً بضمتين، وإسكانُ الدال تخفيفٌ.
ثم قال قالوا: وإذا أطلقت البَدَنةُ في الفروعِ فالمرادُ: البعير ذكراً كان أو أنثى. انتهى فتدبَّر.
وقوله: ({لَكُمْ}): متعلقٌ بـ(({جَعَلْنَاهَا})) وقوله: ({مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}): (({مِنْ})) للتبعيض مفعولٌ ثانٍ لجعلنا؛ لأنه بمعنى صيَّرناها، و(({شَعَائِرِ})) أي: علامات دينِهِ التي شرعها، جمع: شعيرةٍ بمعنى: علامة، وأضافها إلى اسمهِ تعالى تعظيماً لها ({لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}): أي: منافع دينيَّةٌ ودنيويَّةٌ من ركوبٍ وحَلْبٍ وغيرهما.
وبهذا استدلَّ المصنِّفُ فقد روى ابنُ أبي حاتمٍ وغيره بسندٍ جيِّدٍ عن النَّخعي أنه قال في: {لَكُمْ فِيْهَا خَيْرٌ} منْ شاء ركبَ ومَن شاء حَلَبَ.
والفاء في: ({فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا}): فصيحةٌ، بأنْ تقولوا أي: عند ذبحها: بسمِ الله واللهُ أكبر، اللهمَّ هذا منك وإليك فتقبَّلهُ منِّي، وروي عن ابنِ عبَّاسٍ أنه يقولُ: الله أكبرُ لا إله إلا الله والله أكبرُ اللهمَّ منكَ وإليك.
وقوله: ({صَوَافَّ}): حالٌ مِن ضمير (({عَلَيْهَا})) جمع: صاف؛ أي: صفَفْنَ أيديهنَّ وأرجلهنَّ قائماتٍ على ثلاثةٍ، معقولة يدها اليسرى أو رجلها.
قال البيضَاوي: وقرئ: ▬صوافن↨ مِن صفَنَ الفرس: قامَ على ثلاثةٍ، وطرف حافر الرابعة؛ لأنَّ البدنةَ تعقلُ إحدى يديها فتقومُ على ثلاثةٍ، وقرئ: ▬صوافنا↨ بإبدال التنوين من حرف الإطلاقِ عند الوقف، ▬وصوافي↨: أي: خوالصَ لوجه الله تعالى، ▬وصوافي↨ على لغة مَن يسكن الياء مطلقاً كقولهم: أعطِ القوس باريها. انتهى.
وعبارةُ ((الكشاف)) وعن عمرو بن عُبيد: ▬صوافناً↨ بالتنوين عوضاً من حرف الإطلاقِ عند الوقفِ. انتهت.
({فَإِذَا وَجَبَتْ}): أي: سقطتْ على الأرض ({جُنُوبُهَا}): بضمِّ الجيم، جمع: جَنْب، بفتحها وسكون النون، وهو كنايةٌ عن خروجِ روحها بالذبح.
وهذا مرادُ البيضاويِّ ومن تبعهُ بقوله: وهو كنايةٌ عن الموتِ.
({فَكُلُوا مِنْهَا}): والأولى أنْ يكونَ أكلُهُ من كبدها، وفيه: دليلٌ على جواز بل ندبِ أكلِ الإنسانِ من هديه، لكن محلَّهُ: إذا لم ينذرْ الهديَ ({وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ}): أي: الفقيرَ الرَّاضي بما عنده، وبما يُعطى من غير مسألةٍ، مِن قنعت قنعاً وقناعةً، ويؤيِّدهُ أنه قرأ أبو رجاء: ▬القنع↨ يقال: قنعَ فهو قنِعٌ وقانعٌ، وهو الراوي لا غير، ويحتملُ أنَّ (({القَانِعَ})) بمعنى: السَّائل _كما يأتي_ مِن قنعتُ إليه قنوعاً: إذا خضعتُ له في السؤال.
والحاصلُ: أنَّ قنَعَ _بفتح النون_ يقنَع _بفتحها أيضاً_ بمعنى: سأل، ومصدرُه قنوعٌ، بخلاف قنِع _بكسر النون_ يقنَع _بفتحها_ فإنه بمعنى: رضيَ ومصدرُهُ: القناعةُ والقنع.
وما أحسنَ قولَ إمامنا الشَّافعي ☼:
الحُرُّ عَبْدٌ إِنْ قَنَع والعَبْدُ حُرٌّ إِنْ قَنِعْ
فَاقْنِعْ وَلَا تَقْنَعْ فَمَا شَيْءٌ يَشِينُ سِوَى الطَّمَعْ
({وَالْمُعْتَرَّ}): أي: المُتعرِّضُ بغير سؤالٍ، وقيل: المُعْترُّ: المتعرِّضُ بالسؤال كما يأتي، وقرأ الحسن: ▬المعتري↨ يقال: عره وعراه واعتراهُ بمعنًى، قاله في ((الكشاف)). /
({كَذَلِكَ}):أي: مثل ما وصفناهُ مِن نحرها صواف ({سَخَّرْنَاهَا}): أي: جعلناها مسخَّرةً منقادةً ({لَكُمْ}): مع عظمها وقوتها، فتأخذونها وتعقلونها وتطعنونَ في لباتها، ولولا تسخيرُ الله تعالى إيَّاها لكم لم تقدروا عليها، إذ ليست بأعجزَ من بعض الوحوشِ التي هي أصغرُ منها جرماً وأقلُّ قوَّةً ({لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحج:36]): أي: إنعامَ الله عليكم بما ذُكِرَ وبغيرهِ، فتتقرَّبونَ إليه بشكره مخلصينَ أعمالكم له.
({لَنْ يَنَالَ اللَّهَ}): بالتحتية وقرئ: بالفوقية كما في ((الكشاف)) أي: لن يصيبَه تعالى، ولا تقع موقع القبولِ والرِّضى ({لُحُومُهَا}): أي: المتَصدَّقُ بها ({وَلاَ دِمَاؤُهَا}): أي: المُراقةُ بنحرها مِن حيث إنها لحومٌ ودماء ({وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}): أي: ولكنْ يرضَى منكم ويقع موقِعَ القَبول منه تقواكم وإخلاصَكُم في طاعتهِ الدَّاعي إلى تعظيمه.
قال في ((الكشاف)): والمرادُ: أصحابُ اللُّحومِ والدماء، قال: والمعنى: لن يرضيَ المضحُّون والمتقرِّبون ربَّهم إلا بمراعاةِ النِّيَّةِ والإخلاص، والاحتفاظ لشروط التَّقوى في حلِّ ما قرر، وغير ذلك من المحافظاتِ الشَّرعيَّةِ وأوامرِ الورع، فإذا لم يراعوا ذلك لم يغنِ عنهم التَّضحية والتَّقرُّب وإنْ كثرَ ذلك منهم، وقيل: كان أهل الجاهليَّةِ إذا نحروا البُدْنَ نضحوا الدِّماءَ حول البيتِ ولطَّخوا الكعبةَ بالدمِ، فلما حجَّ المسلمون أرادوا مثل ذلك، فنزلت:
({كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ}): كرره تذكيراً للنَّعمة وتعليلاً له بقوله: ({لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ}): أي: لتعرفوا عظمتَهُ باقتداره تعالى على مالا يقدرُ عليه غيرُه فتوحِّدوهُ بالكبرياء، وقيل: هو التَّكبير _أي: والتهليل_ عند الإحلالِ أو الذبحِ فاختصرَ الكلام.
({عَلَى مَا هَدَاكُمْ}): أي: لأجل هدايتِهِ إيَّاكم وإرشادكم إلى طريقِ تسخيرها وكيفيَّةِ التقرب بها، فما: مصدرية و(({عَلَى})) للتعليل أو هي على أصلها متعلِّقةٌ بتكبِّروا لتضمنِه معنى: تشكروا.
({وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج:37]): أي: الذين أحسنوا أعمالَهم بإخلاصهم فيها وبإتيانهم بما يطلبُ فيها من المكملاتِ وغيرها، والمفعولُ الثاني محذوفٌ؛ أي: بالجنَّة أو بقَبولِ أعمالهم.
وذِكرُ الآيتين بتمامهما هو روايةُ كريمةٍ، وذِكرُ ما في رواية أبَوَيْ ذرٍّ والوقت بلفظ: <{وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} إلى قوله: {وَبَشِّرِ المُحْسِنِيْنَ}> وفي بعض الأصولِ: <لقوله تعالى: {وَالبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيْهَا خَيْرٌ} إلى قوله: {وَبَشِّرِ المُحْسِنِيْنَ}>.
(قَالَ مُجَاهِدٌ: سُمِّيَتِ الْبُدْنَ): أي: بدناً (لِبَدَنِهَا): بفتح الموحدة كالدال المهملة في رواية الأكثرين كما في ((الفتح)) و((العمدة)) وعزاها القسطلاني للحمويِّ والمستملي ووقع للكُشميهني: <لبَدَانَتها>بفتحِ الموحدة والدال المهملة، فألفٌ فنونٌ مفتوحة فمثناةٌ فوقية، ووقع في بعضِ الأصول: <لبُدْنها> بضمِّ الموحدة وسكون الدال، وعلى كلٍّ فالمرادُ: أنها سمِّيت بدنة لضَخامتها وسمنِها.
قال في ((الصحاح)): البَدَنَةُ: ناقةٌ أو بقرةٌ تنحر بمكَّةَ، سُمِّيت بذلك؛ لأنهم كانوا يسمِّنُونها، والبدن أيضاً: التَّسمينُ والاكتناز، وبَدَنَ: إذا ضخم، وبَدَّن _بتشديد الدال_ إذا أسنَّ، وفي الحديث: ((إني قد بدَّنتُ، فلا تُبَادِرونِي بالرُّكُوعِ والسُّجُودِ)).
وتقدَّم أول الباب الكلام فيها مبسوطاً، وهذا التعليق أخرجهُ عبد بن حُميد عن مجاهدٍ قال: إنما سُمِّيتْ البُدْن من قبلِ السمانة.
(وَالْقَانِعُ: السَّائِلُ): تقدَّم الكلام في ذلك آنفاً (وَالْمُعْتَرُّ): بتشديد الراء (الَّذِي يَعْتَرُّ): أي: يطوفُ (بِالْبُدْنِ): بضم الموحدة، متعرِّضاً لها (مِنْ غَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ): بلفظ اسم الفاعلِ في أكثر الأصول، وفي بعضها بلفظ المصدرِ.
وهذا التَّعليقُ أخرجه عبدُ بنُ حميدٍ من طريق عثمانَ بن الأسود قال: قلتُ لمجاهدٍ: ما القانعُ؟ قال: جارُكَ الذي ينتظرُ ما دخل بيتكَ، والمُعْترُّ: الذي يعترُّ بابَكَ ويريك نفسَهُ ولا يسألك شيئاً.
وأخرجَ ابن أبي حاتمٍ عن مجاهد أيضاً أنه قال: القانعُ: الطَّامعُ، وقال مرة: هو السَّائلُ، وأخرج ابن أبي حاتمٍ أيضاً عن سعيد بن جبيرٍ قال: المعترُّ: الذي يعتريك، يزوركَ ولا يسألك.
(وَ{شَعَائِرِ}): أي: في الآية، وفي بعضِ الأصولِ: <و{شَعَائِرِ اللَّهِ}> (اسْتِعْظَامُ الْبُدْنِ وَاسْتِحْسَانُهَا): هذا التَّعليقُ أخرجهُ بهذا اللفظ عبدُ بن حميدٍ عن مُجاهد في تفسيرِ قوله تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} [الحج:32].انتهى.
وظاهرهُ: أنه تفسيرٌ لتعظيمها لا لـ(({شَعَائِرِ اللَّهِ})) كما يوهمُه كلامُ البخاريِّ، إلا أنْ يقال: هو على حذف مضَافٍ؛ أي: وتعظيم، فافهم.
وقوله: (وَ{الْعَتِيقِ} [الحج:29]): أي: المذكور في قوله تعالى قبل: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيْقِ}، وفي بعض الأصولِ الصَّحيحة: <والعتق> بلفظ المصدر (عِتْقُهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ): ذكره _كسابقه_ على أحدِ الاحتمالين للمناسبة، فحقُّهُ التأخير عن الذي بعدَهُ، وهذا التَّعليقُ أخرجه عبدُ بنُ حميدٍ عن مجاهدٍ بلفظ: إنما سُمِّي العتيقُ؛ لأنه أعتقُ من الجبَابرة، وقد جاءَ هذا مرفوعاً عند البزَّار من حديث عبد الله بن الزُّبير، قاله في ((الفتح)).
قال الكرمانيُّ: فكم من جبَّارٍ سار إليه لهدمه فمنعهُ الله منه.
وعن مجاهدٍ؛ لأنه أُعتِقَ من الغرق.
وأقول: ينبغي أنْ يقالَ في هذا الوجه والذي قبله: غالباً.
وقيل: سمِّي عتيقاً لقدمه؛ لأنه أوَّل بيتٍ وضعَ للناس، وقيل: لأنه لم يُملَكْ قط.
(وَيُقَالُ): سقطت / الواو من بعض الأصولِ ({وَجَبَتْ}):بتاء التأنيث (سَقَطَتْ إِلَى الأَرْضِ):أي: بعد ذبحها (وَمِنْهُ: وَجَبَتِ الشَّمْسُ): أي: سقطت للغروبِ.
وهذا التَّعليقُ أخرجهُ ابن أبي حاتمٍ عن ابن عبَّاس في تفسير: (({فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا})) وأخرجهُ الطَّبرانيُّ عن مجاهدٍ أيضاً.