الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة

          ░80▒ (بَابُ مَا جَاءَ): أي: وردَ (فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ): الظَّرف متعلِّق بالسَّعي، وتقدَّم في الباب قبله تعريفُ الصَّفا والمروة، والمرادُ: بيان كيفيَّةِ السَّعي بينهما، وأمَّا الوجوبُ فإنه تقدَّم في الباب السَّابق.
          (وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ): أي: عبدُ الله بن عمر بن الخطَّاب (☻: السَّعْيُ): أي: إسراعُ المشِي (مِنْ دَارِ بَنِي عَبَّادٍ): بفتح العين المهملة وتشديد الموحدة؛ أي: ابن جعفر، وتُعرَف اليوم بدارِ سلمة بنت عقيل (إِلَى زُقَاقِ): بضم الزاي، والجمع: زقَّان وأزقَّة، كحوار وحوران وأحورة جمع.
          قال الجوهريُّ: الزُّقاق: السِّكة يذكَّر ويؤنث، قال الأخفشُ: أهلُ الحجاز يؤنِّثون الطَّريق والصِّراط والسَّبيل والسوق والزُّقاق، وبنو تميم يذكرون الجميع.
          وقوله: (بَنِي أَبِي حُسَيْنِ): بضم الحاء خبر ((السعي))، ولأبي ذرٍّ عن المستملي والكُشميهني: <ابن أبي حسين> وهذا التَّعليق وصلهُ ابنُ أبي شيبة من طريق عُثمان بن الأسود عن مجاهد وعطاء قال: رأيتُهما يسعيان من خوخةِ بني عبَّاد إلى زُقاقِ بني أبي حسين، قال: فقلتُ لمجاهد، فقال: هذا بطنُ المسيلِ الأول، ووصلهُ الفاكهِي أيضاً عن نافع قال: نزلَ ابن عُمر من الصَّفا حتى إذا حاذَى باب بني عبَّادٍ سعى، حتى إذا انتهى إلى الزُّقاق الذي يسلك بين دارِ بني أبي حُسين ودار بنت قرظة.
          قال الكرمانيُّ ومن تبعهُ: دارُ بني عبَّاد من طرفِ الصَّفا، وزُقاق بني أبي حسين من طرفِ المروة، وقال سفيان: هو _أي: زُقاق بني أبي حسين_ بين هذينِ العلمين؛ أي: وهما معروفانِ اليوم.
          وروى الفاكهيُّ وابن خُزيمة من طريق أبي الطُّفيل قال: / سألتُ ابن عبَّاس عن السَّعي فقال: لما بعثَ الله جبريلَ إلى إبراهيم ليريه المناسكَ عُرِض له الشَّيطان بين الصَّفا والمروة، فأمرهُ الله أن يجيزَ الوادِي فكانت سنة، وسيأتي في أحاديث الأنبياء أن ابتداءَ ذلك كانَ من هاجر.