الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب تقليد الغنم

          ░110▒ (بابُ تَقْلِيدِ الْغَنَمِ) أي: استحبابُ تقليدها، وأرادَ بذلك الرَّدَّ على من ادَّعى الإجمَاع على تركِ إهداءِ الغنم وتقليدها.
          قال ابنُ المنذر: أنكرَ مالكٌ وأصحابُ الرَّأي تقليدها، زادَ غيره: ((وكأَنَّهُما لم يبلُغْهُمَا)) الحديثُ، قال: ولم نجدْ لهم حجَّةً إلا قولَ بعضهم أنها تضعفُ عن التَّقليدِ، وهي حجَّةٌ ضعيفةٌ؛ لأن المقصودَ من التَّقليدِ العلامة، واتَّفقوا على أنَّها لا تشعر لضعفها عنه فتقلَّد بما لا يضعفها.
          قال التَّيمي: نقلِّد خرب القرب؛ لأن حملَ النِّعال يثقلُ عليها. انتهى.
          وقال ابنُ عبد البرِّ: احتجَّ مَن لم يرَ إهداء الغنمِ بأنه عليه السلام حجَّ مرَّةً واحدةً ولم يهدِ فيها غنماً. انتهى.
          وردَّ بأنه لا يُنافي حديث البابِ الدَّالِّ على أنه أرسلها وأقامَ، وإنْ كان ذلك قبل حجَّته قطعاً، وأما إعلالُ بعضِهم لحديث الباب بأنَّ الأسودَ تفرَّدَ به عن عائشةَ فلا يقدحُ لما قالهُ المنذريُّ وغيره: أن هذا ليس بعلَّةٍ؛ لأنه حافظٌ ثقةٌ فلا يضرُّه التَّفرُّدُ، قاله في ((الفتح)) ملخَّصاً بزيادة، واعترضهُ العينيُّ بما لا يردُّ أكثرهُ لمن تأمل.