الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الجمع بين الصلاتين بعرفة

          ░89▒ (بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ): أي: الظُّهر والعصر للسَّفر تقديماً (بِعَرَفَةَ): يعني: الجمع لسفرِ القصرِ عند غيرِ الحنفيَّةِ والمالكيَّة، وعندهما للنُّسك، فيجوزُ للمكي وغيره، وخصَّهُ أبو حنيفة والثوري والنَّخعي بمن يصلِّي مع الإمام، فلو صلَّى وحدَه، أو بجماعةٍ بدون السُّلطان، أو نائبه لا يجوزُ، وخالفهُ صاحباه فوافقا الجمهور.
          ومثل الجمع تقديماً في عرفة الجمع تأخيراً في المزدلفةِ بين المغرب والعشاء، ويجوزُ في الأوَّل التأخير، وفي الثَّاني التَّقديم، خلافاً للحنفيَّةِ والمالكيَّةِ، فيعيدُ عندهما من خالفَ ذلك.
          وفيه عند المالكيَّةِ خلافٌ آخر، فليراجع، وتقدَّم عندهم أنه يجوزُ للمكيِّ قصرُ الصَّلاة في منى وعرفةَ والمزدلفة.
          (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ): أي: ابن الخطَّاب (إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاَةُ مَعَ الإِمَامِ): أي: في يومِ عرفةَ (جَمَعَ): أي: في منزلهِ (بَيْنَهُمَا): أي: الظُّهر والعصر المعلومين من المقامِ، وهذا التَّعليق وصله الحربيُّ في ((مناسكه)) قال: حدَّثنا الحوضِي، عن همَّام: أن نافعاً حدَّثهُ: أنَّ ابن عُمر كان إذا لم يُدرِك الإمام يوم عرفةَ جمعَ بين الظُّهر والعصر في منزلهِ، وأخرجه الثَّوري في ((جامعه))، وكذا ابن المنذر.