الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب التلبية

          ░26▒ (بَابُ التَّلْبِيَةِ): أي: باب بيان صيغتها ولفظها، وهي مصدر لبَّى يلبِّي كزكى يزكي؛ أي: قال: لبيك، وأصلها: لبَّب بثلاث باءات فقلبت الثالثة منها ياءً؛ لاستثقال ثلاثة أمثال وهي بصورة التَّثنية، ولذا انقلبت ألفها ياء مع المظهر وليست بتثنيةٍ حقيقة، وإلا لم تطلق على أكثر من اثنين، بل هي للتَّكثير والمبالغةِ كقوله تعالى: {ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك:4]، وكقوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:64] عند من أوَّل اليد بالنِّعمةِ؛ فإن نعمه تعالى لا تُحصى، وهذا عند سيبويه.
          وقال يونس: هي اسمٌ مفرد يقلب ألفها ياء عند اتصالها بالضمير.
          قال الكرمانيُّ: وأصلها: من لبَّ بمعنى واجهَ، أو من ألَبَّ: إذا أحبَّ، أو من اللباب وهو الخالص، أو من لبَّ بالمكان: أقامَ به؛ أي: اتِّجاهي إليك أو محبَّتي أو إخلاصِي لكَ أو إقامتي على إجابتك.
          وقيل: من ألبَّ بمعنى: قرب، وقيل: من ألبَّ بمعنى: خضعَ، وهو منصوبٌ على المصدر بعامل مقدر؛ أي: أجبتُ إجابةً.