شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ذكر شرار الموتى

          ░98▒ باب: ذكرِ شرارِ الموتى.
          فيه: ابْنُ عَبَّاسٍ: (قَالَ أَبُو لَهَبٍ لِلنَّبِيِّ ◙: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أبي لَهَبٍ وَتَبَّ}[المسد:1]). [خ¦1394]
          قال المؤلِّف: ذكر شرار الموتى من أهل الشِّرك خاصَّة جائز؛ لأنَّهم(1) لا شكَّ أنَّه مقطوع عليهم بالخلود في النَّار(2)، فذكر شرارهم أيسر من حالهم التي صاروا إليها، مع أنَّ في الإعلان بقبيح أفعالهم مقبحًا(3) لأحوالهم وذمًّا لهم، لينتهي الأحياء عن مثل أفعالهم ويحذروها، جَنَّبنا الله أفعال(4) الكفَّار، وأجارنا من النَّار.
          وقال عبد الواحد(5): عجبًا من البخاريِّ في تخريجه لهذا الحديث في هذا الباب، وإن كان تبويبه له يدلُّ على أنَّه أراد به العموم في شرار المؤمنين والكافرين، وأظنُّه نسي الحديث الذي أورده(6) في باب ثناء النَّاس على الميِّت فكان أولى بهذا(7)، وهو حديث أنس: ((أنَّهم مرُّوا بجنازة فأثنوا عليها خيرًا(8)، فقال: وجبت)) الحديثَ، فترك النَّبيُّ صلعم نهيهم عن ثناء الشرَِّّ، ثمَّ أخبر(9) أنَّه بذلك الثَّناء الشَّرِّ وجبت له النَّار، وقال: ((أنتم شهداء الله في الأرض))، فدلَّ ذلك(10) أنَّ للنَّاس أن يذكروا الميِّت بما فيه من شرٍّ إذا كان شرُّه مشهورًا، وكان ممَّن(11) لا غيبة فيه لشهرة شرِّه، وقد تقدَّم في باب ثناء النَّاس على الميِّت الكلام في(12) الجمع بين هذا الحديث وبين قوله ◙: ((لا تسبُّوا الأموات))، [خ¦1367] وبالله التَّوفيق.
          وقال «صاحب العين(13) »: تبَّ الإنسان: ضعُف وخسر، قال الرَّاجز:
أَخْسِرْ بِها مِنْ صَفْقةٍ لَمْ تُسْتَقَلْ                     تَبَّتْ يَدَا صافِقِها مَاذَا فَعَلْ
          وتبَّ(14) هلك، وفي(15) القرآن: {وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ(16) إِلَّا فِي تَبَابٍ}[غافر:37]، وتَبَّ الإنسان شاخَ. /


[1] في (م): ((لأن)).
[2] زاد في (م): ((أبدًا)).
[3] في (م): ((تقبيحًا)).
[4] في (م): ((أعمال)).
[5] في (م): ((قال بعض الناس)).
[6] في (م): ((أورد)).
[7] زاد في (م): ((الباب)).
[8] في (م): ((شرًا)).
[9] في (م): ((أعلم)). وقوله بعدها: ((الشرِ)) ليس في (م).
[10] زاد في (م): ((على)).
[11] في (ص): ((مما)) والمثبت من (م).
[12] قوله: ((في)) ليس في (م).
[13] في (م): ((الأفعال)).
[14] زاد في (م): ((أيضًا)).
[15] في (م): ((وجاء في)).
[16] في (ص): ((الكافرين)) والمثبت من (م) والتنزيل.