شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب البكاء عند المريض

          ░44▒ بَابُ: البُكَاءِ عِنْدَ المَرِيضِ.
          فيهِ: ابنُ عُمَرَ (اشْتَكَى سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ فَأَتَاهُ الرَّسُولُ(1) صلعم يَعُوْدُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ(2)، فَوَجَدَهُ في غَاشِيَةِ أَهْلِهِ(3)، فَقَالَ: قَدْ قَضَى؟ قَالُوا: لا، يَا رَسُولَ اللهِ(4)، فَبَكَى النَّبيُّ صلعم فَلَمَّا رَأَى القَوْمُ بُكَاءَ النَّبيِّ بَكَوا(5)، فَقَالَ: أَلا تَسْمَعُونَ إِنَّ اللهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ(6) بِهَذَا _وَأَشَارَ إلى لِسَانِهِ_ أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ المَيِّتَ ليُعَذَّبُ(7) بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ). وَكَانَ عُمَرُ يَضْرِبُ فِيهِ بِالعَصَا، وَيَرْمِي بِالحِجَارَةِ، وَيَحْثِي التُّرَابِ(8). [خ¦1304]
          قال المُهَلَّبُ: فيهِ جوازُ البكاء(9) عند المريض، وليس ذلك مِن الجفاء عليه والتقريع له(10)، وإنَّما هو إشفاقٌ عليه، ورقِّةٌ وحرقةٌ لحاله، وقد بيَّن في هذا الحديث أنَّه لا يُعَذَّبُ(11) بدمع العين وحزن القلب، وإنَّما يُعَذَّبُ بالقول السَّيِّئ ودعوى الجاهليَّة.
          وقوله: (أَوْ يَرْحَمُ) يحتمل معنيين: أحدُهما: أو يرحم إن لم ينفذ الوعيد في ذلك، والثَّاني: يُرِيدُ أو يرحمه إذا(12) قال خيرًا، واستسلم لقضاء الله ╡.


[1] في (م) و(ي): ((النبي)).
[2] في (م): ((مع ابن عوف وسعد وابن مسعود)).
[3] قوله: ((أهله)) ليس في (م).
[4] قوله: ((يا رَسُولَ الله)) ليس في (م).
[5] في (م): ((فبكى النبي صلعم فبكى القوم لبكاء النَّبيِّ صلعم)).
[6] قوله: ((يعذِّب)) ليس في (م).
[7] في (م): ((يعذَّب)).
[8] في (م): ((بالتُّراب)). وقوله: ((قال المهلَّب)) ليس فيها.
[9] زاد في (م): ((المباح)).
[10] قوله: ((والتقريع له)) ليس في (م).
[11] في (م): ((لا يعذِّب الله)).
[12] في (م): ((والثَّاني: أو يرحم من)).