شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب اللحد والشق في القبر

          ░78▒ بَابُ الشَّقِّ وَاللَّحْدِ فِي القَبْرِ
          وسُمِّيَ اللَّحْدُ؛ لأنَّه في ناحيةٍ ملتحدًا معتدلًا، ولو كان مستقيمًا لكان ضريحًا.
          فيه: جَابِرٌ: (كَانَ النَّبيُّ صلعم يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إلى أَحَدِهِمَا، قَدَّمَهُ في اللَّحْدِ، فَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ على هَؤُلاءِ(1)) الحديث.
          [خ¦1353]
          قال عيسى بن دينارٍ(2): اللَّحد أحبُّ إلى العلماء لأنَّ النَّبيَّ صلعم لُحِدَ له، ونصب على لحده(3) اللَّبِن، ولَحَد ◙ لابنه إبراهيم ونصب عليه اللَّبِن، ولحد لأبي بكر وعمر، وأوصى عمر أهله: إذا وضعتموني في لحدي فأفضوا بخدِّي إلى الأرض.
          وأوصى ابن عمر أن يلحد له، واستحبَّ ذلك النَّخَعِيُّ ومالكٌ وأبو حنيفة وأصحابه، وإسحاق وقالوا: هذا الذي اختار(4) الله لنبيِّه صلعم.
          وقال عيسى بن دينارٍ: اللَّحد: أن يحفر له تحت الجرف في حائطٍ قبلة القبر. وفي سماع ابن غانمٍ: اللَّحد والشقُّ كلٌّ واسعٌ، واللَّحد أحبُّ إليَّ.
          وقال الشافعيُّ: إن كانت أرضًا شديدةً لُحد لهم، وإن كانت رقيقةً شقَّ لهم.
          وقد روي عن الرسول(5) صلعم من حديث جريرٍ وغيره أنَّه قال: ((اللَّحد لنا، والشقُّ لغيرنا))، ولهذا الحديث _والله أعلم_ كره الشقُّ.


[1] قوله: ((فقا ل أنا شهيد على هؤلاء)) ليس في (م).
[2] زاد في (م): ((وغيره)).
[3] في (م): ((قبره)).
[4] في (ي): ((اختاره)) وفي (م): ((وقالوا: هو الذي اختاره)).
[5] في (م) و(ي): ((النبي)).