شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال

          ░48▒ بَابُ: مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلا يَقْعُدُ حَتَّى تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ.
          فَإِنْ قَعَدَ أُمِرَ بِالقِيَامِ.
          فيهِ: أَبُو سَعِيدٍ قَالَ(1): كُنَّا في جَنَازَةٍ فَأَخَذَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِيَدِ مَرْوَانَ فَجَلَسَ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ(2)، فَجَاءَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَخَذَ بِيَدِ مَرْوَانَ، فَقَالَ: قُمْ فَوَاللهِ لَقَدْ عَلِمَ هَذَا أنَّ النَّبيَّ صلعم نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: صَدَقَ. [خ¦1309]
          قال ابن المُنْذِرُ: وممَّن رأى ألَّا يجلس ممَّن(3) تبع الجنازة حتَّى تُوضَعَ: الحَسَنُ بن عليٍّ وأبو هريرة وابنُ عُمَرُ وابنُ الزُّبَيْرِ والنَّخَعِيُّ والشَّعْبِيُّ، وبه قال الأوزاعيُّ(4).
          قال المُؤَلِّفُ: وأمَّا أمر أبي سَعِيدٍ لمروان بالقيام، فلا أعلم من قال به، وممَّن رُوِيَ عنه(5) القيام للجنازة إذا مرَّت بهم(6) ممَّن ذكرناهم في الباب قبل هذا لم يُحفظ عن أحدٍ منهم مثل قول أبي سَعِيدٍ.
          قال المُهَلَّبُ: وقُعُود أبي هريرة ومروان دليلٌ على أنَّهما علما أنَّ القيام ليس بواجبٍ، وأنَّه أمرٌ متروكٌ ليس عليه العمل؛ لأنَّه لا يجوز أن يكون العمل على القيام عندهم ويجلسان، ولو كان أمرًا معمولًا به(7) ما خفي على مروان مثلُه، لتكرُّر مثل هذا الأمر وكثرة(8) شُهُودهم للجَنَائِزِ، والعمل في هذا على ما روى ابن وَهْبٍ عن ابنِ عُمَرَ وأصحابِ مُحَمَّدٍ صلعم أنَّهم(9) كانوا يجلسون قبل أن تُوضَعَ الجنائز.


[1] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[2] في (م): ((فجلسنا قبل أن توضع الجنازة)).
[3] في (م): ((من)).
[4] في (م): ((السَّبيعي)).
[5] في (م): ((ومن روى عنهم)).
[6] في (م): ((به)).
[7] قوله: ((به)) ليس في (ي). وبعدها في (م) و(ي): ((مثله على مروان)).
[8] في (م): ((لكثرة)).
[9] قوله: ((أنَّهم)) ليس في (م).