شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: يبدأ بميامن الميت

          ░10▒ بَابُ: يُبْدَأُ بِمَيَامِنِ المَيِّتِ وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ.
          فيهِ: أُمُّ عَطِيَّةَ قَالَ النَّبيُّ صلعم في غَسْلِ ابْنَتِهِ: (ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا). [خ¦1255]
          واستحبَّ(1) العلماء أن يُبدأ بميامِنِ الميِّت، ومواضع الوضوء(2)؛ لفضل الميامن وفضل أعضاء الوضوء، لأنَّ الغرَر والتحجيل يكون فيها، وقال ابنُ سِيرِينَ: يبدأ بمواضع الوضوء ثمَّ بميامِنِه. وقال أبو قِلَابَة: يبدأ بالرَّأْسِ واللِّحيةِ(3) ثمَّ الميامن.
          واختلف الفقهاء في وضوء الميِّت وفي(4) غُسْلِهِ، فقال مالكٌ: إن وُضِّئ فحَسَنٌ.
          وقال أبو حَنِيْفَة: لا يُوضَّأ، لأنَّ العبادةَ ساقطةٌ عنه والتَّكليف، ولأنَّ المضمضةَ أن(5) يمجَّ ذلك من فيه، والاستنشاق(6) لمن له نَفَسٌ يجذبه(7)، والميِّت لا يقدر على ذلك.
          وقال الشَّافعيُّ: يُوضَّأ قبل غُسْلِهِ.
          قال ابنُ القَصَّارِ: والحجَّة لقول مالك(8) أنَّه قد ثَبَتَ وُجُوب غُسْلِهِ كالجُنُبِ، فلمَّا كان وضوءُ الجُنُبِ عندَ الغُسْلِ(9) مستحبًّا، كذلك هذا، ولما كان الحيُّ يتوضَّأ في غُسْلِهِ ليلقى ربَّه في أعلى مراتب الطَّهارة، كان في الميِّت الَّذي حَصَل في أوَّل منازل(10) الآخرة أَولَى أن يلقى ربَّه في أعلى مراتب الطَّهارة أيضًا(11).
          وقول الكوفيين(12): إنَّ العبادة(13) ساقطةٌ عنه، وقد تعبَّدنا نحن بتطهيره، والمضمضة للتَّنظيف. ونحن نفعلها كما نَغْسِلُ المواضع الغامضة منه(14)، فإن تُرِكَ وضوؤه(15) فلا بأس؛ لأنَّ النَّبيَّ(16)◙ قال: ((وأيُّ وُضُوءٍ أَعَمُّ مِنَ الغُسْلِ)).


[1] في (م) و(ي): ((استحبَّ)).
[2] زاد في (م): ((والله أعلم)).
[3] في (م): ((ثمَّ اللَّحية)).
[4] في (م): ((في)).
[5] في (م): ((لمن)).
[6] في (ص): ((والاستنثار)).
[7] في (م): ((يجتذبه)).
[8] في (م): ((والحجَّة لمالك)).
[9] في (م): ((غسله)).
[10] في (م): ((الَّذي يحصل في منازل)).
[11] قوله: ((أيضًا)) ليس في (م).
[12] في (م) صورتها: ((الكوفيُّون)).
[13] في (م): ((الطَّهارة)).
[14] قوله: ((منه)) ليس في (م).
[15] في (م) صورتها: ((الوضوء)).
[16] في (ص): ((الرسول)).