-
المقدمه
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
[كتاب مواقيت الصلاة]
-
[كتاب الأذان]
-
كتاب الجمعة
-
[أبواب صلاة الخوف]
-
[كتاب العيدين]
-
[كتاب الوتر]
-
[كتاب الاستسقاء]
-
[كتاب الكسوف]
-
[أبواب سجود القرآن]
-
[أبواب تقصير الصلاة]
-
[أبواب التهجد]
-
[كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة]
-
[أبواب العمل في الصلاة]
-
[أبواب السهو]
-
[كتاب الجنائز]
-
باب الأمر باتباع الجنائز
-
باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في كفنه
-
باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه
-
باب الإذن بالجنازة
-
باب فضل من مات له ولد فاحتسب
-
باب قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري
-
باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر
-
باب ما يستحب أن يغسل وترًا
-
باب: يبدأ بميامن الميت
-
باب: هل تكفن المرأة في إزار الرجل؟
-
باب نقض شعر المرأة
-
باب: كيف الإشعار للميت
-
باب الثياب البيض للكفن
-
باب الكفن في ثوبين
-
باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ومن كفن بغير قميص
-
باب الكفن من جميع المال
-
باب إذا لم يجد كفنًا إلا ما يواري رأسه أو قدميه غطى رأسه
-
باب من استعد الكفن في زمن النبي فلم ينكر عليه
-
باب اتباع النساء الجنائز
-
باب حد المرأة على غير زوجها
-
باب زيارة القبور
-
باب قول النبي: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه
-
باب ما يكره من النياحة على الميت
-
باب: ليس منا من شق الجيوب
-
باب: رثى النبي سعد بن خولة
-
باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة
-
باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن
-
باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة
-
باب الصبر عند الصدمة الأولى
-
باب قول النبي: إنا بك لمحزونون
-
باب البكاء عند المريض
-
باب ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن ذلك
-
باب القيام للجنازة
-
باب متى يقعد إذا قام للجنازة؟
-
باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال
-
باب من قام لجنازة يهودي
-
باب حمل الرجال الجنازة دون النساء
-
باب السرعة بالجنازة
-
باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام
-
باب الصفوف على الجنازة
-
باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز
-
باب سنة الصلاة على الجنائز
-
باب فضل اتباع الجنائز
-
باب من انتظر حتى تدفن
-
باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد
-
باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور
-
باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها
-
باب التكبير على الجنازة أربعًا
-
باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة
-
باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن
-
باب الميت يسمع خفق النعال
-
باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها
-
باب الدفن بالليل
-
باب بناء المسجد على القبر
-
باب من يدخل قبر المرأة
-
باب الصلاة على الشهيد
-
باب الإذخر والحشيش في القبر
-
باب: هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟
-
باب اللحد والشق في القبر
-
باب: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه
-
باب: إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله
-
باب الجريد على القبر
-
باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله
-
باب ما جاء في قاتل النفس
-
باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين
-
باب ثناء الناس على الميت
-
باب ما جاء في عذاب القبر
-
باب التعوذ من عذاب القبر
-
باب الميت يعرض عليه بالغداة والعشي
-
باب كلام الميت على الجنازة
-
باب ما قيل في أولاد المسلمين
-
باب ما قيل في أولاد المشركين
-
باب [ما يدل على أنهم في الجنة]
-
باب موت يوم الاثنين
-
باب موت الفجأة البغتة
-
باب ما جاء في قبر النَّبِيِّ وأبى بكر وعمر
-
باب ما ينهى من سب الأموات
-
باب ذكر شرار الموتى
-
باب الأمر باتباع الجنائز
-
[كتاب الزكاة]
-
[أبواب صدقة الفطر]
-
كتاب الصوم
-
[كتاب صلاة التراويح]
-
[أبواب الاعتكاف]
-
كتاب الحج
-
[أبواب العمرة]
-
[أبواب المحصر]
-
[كتاب جزاء الصيد]
-
[أبواب فضائل المدينة]
-
[كتاب الجهاد والسير]
-
[كتاب فرض الخمس]
-
[كتاب الجزية والموادعة]
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الذبائح
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب الأيمان والنذور
-
باب كفارات الأيمان
-
كتاب البيوع
-
[كتاب الشفعة]
-
[كتاب الإجارة]
-
[كتاب الحوالة]
-
[كتاب الكفالة]
-
كتاب الوكالة
-
[كتاب المزارعة]
-
[كتاب المساقاة]
-
[كتاب الاستقراض]
-
[كتاب الخصومات]
-
[كتاب في اللقطة]
-
[كتاب المظالم]
-
[كتاب الشركة]
-
[كتاب الرهن]
-
[كتاب العتق]
-
[كتاب المكاتب]
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب العارية
-
كتاب النكاح
-
كِتَاب الرضاع
-
كتاب الطلاق
-
كِتَاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الشهادات
-
[كتاب الصلح]
-
[كتاب الشروط]
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الأحكام
-
كتاب الإكراه
-
[كتاب الحيل]
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الرجم
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
[كتاب المرضى]
-
كتاب الطب
-
كتاب الأطعمة
-
[كتاب التعبير]
-
كتاب الفتن
-
كتاب الدعوات
-
[كتاب الرقاق]
-
[كتاب]فضائل القرآن
-
[كتاب التمني]
-
[كتاب القدر]
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░32▒ بَابُ: قَوْلِ الرَّسُولِ(1) صلعم: (يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ(2))
إِذَا كَانَ النَّوْحُ مِنْ سُنَّتِهِ؛ لِقَوْلِهِ تعالى(3): {قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}[التحريم:6]، وَقَالَ الرَّسُولُ(4) صلعم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ(5) عَنْ رَعِيَّتِهِ) فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّتِهِ فَهُوَ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ: {وَلَا(6) تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الإسراء:15]وَهُوَ كَقَوْلِهِ تعالى: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إلى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ}[فاطر:18]وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ البُكَاءِ مِنْ غَيْرِ نَوْحٍ.
وَقَالَ(7) صلعم: (لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ على ابنِ آدَمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا؛ وَذَلِكَ(8) بأنَّهُ(9) أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ).
فيهِ: أُسَامَةُ قَالَ: (أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبيِّ صلعم إِلَيْهِ(10) إِنَّ ابْنًا لي قُبِضَ فَأْتِنَا، فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلامَ وَيَقُولُ: إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ ولِلَّهِ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ(11) تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وَمَعَاذُ بنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ وأُبَيُّ بنُ كَعْبٍ(12) وَرِجَالٌ، فَرُفِعَ إِلَى النَّبيِّ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ _حَسِبْتُهُ(13) أَنَّهُ قَالَ: كَأَنَّهَا شَنٌّ_ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هَذَا؟! فَقَالَ: هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللهُ في قُلُوبِ عِبَادِهِ، فَإِنَّمَا(14) يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ). [خ¦1284]
وفيهِ: أَنَسٌ قَالَ: (شَهِدْتُ بِنْتًا لِرَسُولِ اللهِ، قَالَ: وَرَسُولُ اللهِ صلعم جَالِسٌ على القَبْرِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ عَيْنَاهِ تَدْمَعَانِ، قَالَ: فَقَالَ: هَلْ مِنْكُمْ(15) رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ؟ قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَنَا، قَالَ: فَانْزِلْ، فَنَزَلَ في قَبْرِهَا). [خ¦1285]
وفيهِ: ابنُ أبي مُلَيْكَةَ، قَالَ(16): تُوُفِّيَتِ بِنْتٌ(17) لِعُثْمَانَ بِمَكَّةَ وَجِئْتُ(18) لِنَشْهَدَهَا، وَحَضَرَهَا ابنُ عُمَرَ وَابنُ عَبَّاسٍ وَإِنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا، أَوْ قَالَ: جَلَسْتُ إلى أَحَدِهِمَا، ثمَّ جَاءَ الآخَرُ فَجَلَسَ إلى جَنْبِي(19)، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ(20) بنُ عُمَرَ لِعَمْرِو بنِ عُثْمَانَ: أَلا تَنْهَى عَنِ البُكَاءِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: (إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ). [خ¦1286] [خ¦1287] [خ¦1288]
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قَدْ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ، ثمَّ حَدَّثَ(21) قَالَ: صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْدَاءِ، إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ، فَقَالَ: ادْعُهُ لي، فَرَجَعْتُ إلى صُهَيْبٍ، فَقُلْتُ: ارْتَحِلْ فَالْحَقْ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا(22) أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي، ويَقُولُ(23): وَا أَخَاهُ، وَا صَاحِبَاهُ، قَالَ(24) عُمَرُ: يَا صُهَيْبُ أَتَبْكِي(25) عَلَيَّ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ(26) صلعم: (إِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ(27) بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ).
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: رَحِمَ(28) اللهُ عُمَرَ، وَاللهِ مَا حَدَّثَ رَسُول اللهِ: إِنَّ اللهَ لَيُعَذِّبُ المُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ولكنَّ رَسُول اللهِ صلعم قالَ: إِنَّ اللهَ لَيَزِيْدُ الكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ(29)، وَقَالَتْ: حَسْبُكُمُ القُرْآنُ {وَلَا(30) تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام:164]قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ ذَلِكَ: وَاللهُ {هُوَ أَضْحَكَ(31) وَأَبْكَى}[النَّجم:43]. قَالَ ابنُ أبي مُلَيْكَةَ: وَاللهِ مَا(32) قَالَ ابنُ عُمَرَ شَيْئًا، قَالَتْ عائشةُ(33): إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللهِ صلعم على يَهُوْدِيَّةٍ يَبْكِي عَلَيْهَا أَهْلُهَا(34)، فَقَالَ: (إِنَّكُمْ تَبْكُوْنَ(35) عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ في قَبْرِهَا).
وَفِي كِتَابِ المَغَازِي: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّمَا قَالَ رَسُول اللهِ صلعم: (إِنَّهُ لَيُعَذَّبُ / بِخَطِيئَتِهِ وَذَنْبِهِ، وَإِنَّ أَهْلَهُ لَيَبْكُونَ عَلَيْهِ).
اختلفَ أهلُ العلمِ(36) في معنى قولِه ◙: (يُعَذِّبُ المَيِّتُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ) فقالَتْ طائفةٌ: معناه أن يوصي بذلك الميِّت، فيُعَذَّبُ حينئذٍ بفعل نفسه لا بفعل غيره، وإليه ذهب البخاريُّ في قوله: إذا كان النَّوح من سُنَّتِهِ، يعني أن يوصي بذلك، وهو قول أهل الظَّاهر، وأنكروا قول(37) عائشة، وأخذوا بحديث عُمَرَ وابن عُمَرَ والمغيرةِ: أنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِمَا نِيْحَ عَلَيْهِ(38).
وقال آخرون: معناه أن يُمدح الميِّت في ذلك البكاء بما كان يمدح به أهل الجاهليَّة من الفتكات والغارات والقدرة على الظُّلم، وغير ذلك من الأفعال الَّتي هي عند الله ذُنُوبٌ، فهم يبكون لفقدها ويمدحونه بها، وهو يُعَذَّبُ مِن أجلها(39).
وقال آخرون: معناه أنَّ الميَّت ليُعَذَّبُ ويَحْزَنُ(40) ببكاءِ أهله عليه، ويَسُوْؤُه إتيان(41) ما يكره ربُّه، واحتَجُّوا بحديث قَيْلَةَ حينَ ذكرَ(42) رَسُولُ اللهِ صلعم أنَّها قالَتْ: بَكَيْتُ(43) ثمَّ قُلْتُ: واللهِ يا رَسُولَ اللهِ، لقدْ وَلَدْتُهُ حَرَامًا، فقَاتَلَ مَعَكَ يومَ الرَّبَذَةِ، ثمَّ ذَهَبَ يَمْتَرِي لي مِنْ خَيْبَرَ فأَصَابَتْهُ حُمَّى(44) فمَاتَ. فقَالَ(45) صلعم: ((لوْ لمْ تَكُوْنِي(46) مِسْكِيْنَةً لجَرَرْنَاكِ اليَوْمَ عَلَى وَجْهِكِ، أَتُغلَبُ إِحْدَاكُنَّ عَلَى أَنْ يُصَاحِبَ صُوَيْحِبَهُ في الدُّنْيَا مَعْرُوْفًا، حَتَّى إِذَا حَالَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ مَنْ هوَ أَوْلَى بِهِ، استَرْجَعَ فَقَالَ: رَبِّي أَثِبْنِي بِمَا أَمْضَيْتَ، وأَعِنِّي عَلَى ما أَبْقَيْتَ، والَّذي نَفْسُ مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّ إِحْدَاكُنَّ لتَبْكِي فيَسْتَعْبِرُ إليهِ صُوَيحِبَهُ(47)، فيَا عِبَادَ اللهِ، لا تُعَذِّبُوا إِخْوَانَكُمْ)).
قال الطَّبَرِيُّ: والدَّليل على أنَّ بكاء الحيِّ على الميِّت تعذيبٌ مِن الحيِّ له، لا تعذيبٌ من الله ما رواه عَوْفٌ عن جُلَاسِ بن عَمْرٍو، عن أبي هريرةَ، قالَ: ((إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقْرِبَائِكُمْ مِنْ مَوْتَاكُمْ، فَإِنْ رَأَوا خَيْرًا فَرِحُوا بِهِ، وإِنْ رَأَوا شَرًّا كَرِهُوهُ، وإِنَّهُمْ ليَسْتَخْبِرُونَ المَيِّتَ إَذَا أَتَاهُمْ: مَنْ مَاتَ بَعْدَهُمْ، حَتَّى إَنَّ الرَّجُلَ لَيَسْأَل عَنِ امْرَأَتِهِ هَلْ تَزَوَّجَتْ أَمْ لَا))(48).
وروى محمَّد بن بَشَّارٍ، حدَّثنا غُنْدَرٌ، حدَّثنا شُعْبَةُ، عن أبي بِشْرٍ، عن يُوسُفَ بن مَاهَكَ قال: كانَ ابنُ عُمَرَ في جنازةِ رَافِعِ بن خَدِيْجٍ بينَ قائمتي السَّريرِ، فقالَ: إنَّ المَيِّتَ ليُعَذَّبُ ببُكَاءِ الحيِّ، فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: إنَّ المَيِّتَ لا يُعَذَّبُ ببُكَاءِ الحيِّ. وذَهَبَتْ عائشةُ إلى أنَّ أَحَدًا لا يُعَذَّبُ بفعلِ غيرِهِ، وهو أمرٌ مجتمعٌ عليه لقولِهِ تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} {وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا}[الأنعام:164](49).
وكلُّ حديثٍ أتى فيه النَّهي عن البكاءِ فمعناه(50) النِّياحة عند العلماءِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى أضحكَ وأبكى، ولقولِهِ ◙: ((تَدْمَعُ العَيْنُ، ويَحْزَنُ القَلْبُ، ولا نَقُولُ ما يُسْخِطُ الرَّبَّ)).
وقالَ الرَّسُولُ(51) صلعم لعُمَرَ إذْ نَهَى النِّسَاءَ عَنِ البُكَاءِ: ((دَعْهُنَّ يا عُمَرُ، فإنَّ النَّفْسَ مُصَابَةٌ، والعَيْنَ دَامِعَةٌ، والعَهْدَ قَرِيْبٌ)). ونَهَى عَنِ النِّياحة، ولَعَنَ النَّائحة والمسمِّعة(52)، ونَهَى عن شَقِّ الجُيُوبِ، ولَطْمِ الخُدُودِ، ودعوى الجاهليَّة.
وفي حديث(53) أُسَامَةَ وأَنَسٍ في هذا الباب جواز(54) البكاءِ الخفيفِ بدمعِ العينِ، قال(55) الشَّافعي: أُرَخِّصُ في البكاءِ بلا ندبةٍ ولا نياحةٍ، وما ذهبت إليه عائشة أشبه بدلائل الكتاب، وما زِيد في عذاب الكافر باستحقاقِهِ(56) لا بذنبِ غيرِهِ؛ لأنَّه إذا بُكِيَ عليه بذكر فتكاته وغاراته(57) فهو مُستحقٌّ للعذاب بذلك، وأهله يَعُدُّون ذلك من فضائله وهو يُعَذَّبُ مِن أجلها(58)، فإنَّما يُعَذَّبُ بفعلِهِ لا ببكاءِ أهلِهِ، هذا معنى قول عائشة: إنَّ اللهَ ليزيدُ الكافرَ عذابًا ببكاءِ أهلِهِ عليهِ، وهو موافقٌ لقوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام:164]وتصويب الشَّافعيِّ لقول عائشةَ، وإنكارها على ابن عُمَرَ يشبه أن يكون مذهب مالكٍ؛ لدلالة ما في «موطَّئه» عليه لأنَّه ذكر حديث عائشةَ، ولم يذكر خلافه عن أحدٍ(59).
وقوله: (وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ) القَعقَعة: حكاية أصوات التَّرَسَة والجُلُود اليابسة وما يشبه ذلك، ورَجُلٌ قعقاعٌ وقعقعانٌ(60)، وهو الَّذي يُسْمَعُ لمَفَاصِلِ(61) رجليه تقعقعًا، عن صاحب «العين»، والشَّنُّ: القِرْبَة اليابسة، ومن أمثالهم: أَلِمْثِلِي يقعقعُ بالشَّنَانِ؟ يُرِيدُ أنَّ مثلي لا يفزع بذلك.
[1] في (م) و(ي): ((النَّبيِّ)).
[2] في (م): ((الميِّت ببعض بكاء أهله عليه)).
[3] في (ي): ((لقول الله تعالى)).
[4] في (م) و(ي): ((وقال النبي صلعم)).
[5] في (م): ((وكلُّكم مسؤولٌ)).
[6] في (م): ((لا)).
[7] زاد في (م) و(ي): ((النبي)).
[8] قوله: ((وذلك)) ليس في (م).
[9] في (م) و(ي): ((لأنه)).
[10] قوله: ((إليه)) ليس في (م).
[11] قوله: ((إليه)) ليس في (م).
[12] في (م): ((جبل وأُبَي بن كعبٍ وزيد بن ثابتٍ)).
[13] في (م): ((حسبت)).
[14] في (م) و(ي): ((وإنما)).
[15] في (م): ((وفيه: أنسٌ شهدت بنتًا لرسول الله صلعم وهي على القبر فرأيت عينيه تدمعان فقال: منكم)).
[16] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[17] في (ي): ((ابنة)).
[18] في (م): ((وجئنا)).
[19] قوله: ((أَوْ قَالَ: جَلَسْتُ إلى أَحَدِهِمَا، ثمَّ جَاءَ الآخَرُ فَجَلَسَ إلى جَنْبِي)) ليس في (م).
[20] قوله: ((عبد الله)) ليس في (م).
[21] قوله: ((حدَّث)) ليس في (م).
[22] في (م): ((بركب تحت ظلِّ سَمُرَةٍ، فقال: اذهب فانظر من هؤلاء الرَّكب فإذا صهيبٌ فلمَّا)).
[23] في (م): ((دخل صهيبٌ يقول)).
[24] في (م): ((فقال)).
[25] في (م): ((تبكي)).
[26] في (م): ((النَّبي)).
[27] في (م): ((ليعذَّب)).
[28] في (م): ((يرحم)).
[29] قوله: ((ولكنَّ رَسُول اللهِ.... بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْه)) زيادة من (م) و(ي).
[30] في (م): ((لا)).
[31] في (م): ((الله أضحك)). وقوله: ((قال ابن أبي مليكة والله)) ليس فيها.
[32] في (م): ((فما)).
[33] في (م): ((وقالت عائشة مرَّة)).
[34] قوله: ((أهلها)) ليس في (ص) والمثبت من (م) و(ي).
[35] في (م): ((إنَّكم لتبكون)). وفي (ي): ((إنَّهم ليبكون)).
[36] في (م): ((قال اختلف العلماء)).
[37] في (م): ((حديث)).
[38] قوله: ((عليه)) زيادة من (م) و(ي).
[39] زاد في (م): ((وهذا معنى قول عائشة)).
[40] في (م): ((يتعذَّب ويتحزَّن)).
[41] في (م): ((إتيانهم))، وفي (ي): ((إتيانه)).
[42] في (م): ((حين وفدت على النَّبيِّ صلعم فذكر)).
[43] في (م): ((فبكيت)).
[44] في (م): ((حماها)).
[45] زاد في (م) و(ي): ((النبيُّ)).
[46] في (م): ((تكون)).
[47] في (م): ((أحدكنَّ ليبكي فيستعين إليه صويحبه)).
[48] زاد في (م): ((وذكر الحديث)).
[49] العبارة في (م): ((وذهبت عائشة إلى أنَّ أحدًا لا يعذَّب بفعل غيره، وهو أمر مجمعٌ عليه لقوله تعالى: {لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا} وذكر الطَّبَرِيُّ مثله عن ابن عبَّاسٍ وقال: أخبرنا محمَّد بن بشَّارٍ، حدَّثنا غُنْدَرٌ، حدَّثنا شُعْبَةُ، عن أبي بِشْرٍ، عن يُوسُفَ بن مَاهَكَ قال: كان ابن عُمَرَ في جنازةِ رَافِعِ بن خَدِيْجٍ بين قامتي السَّرير، فقال: إنَّ الميَّت ليعذَّب ببكاء الحيِّ، فقال ابن عبَّاس: إنَّ الميِّت لا يعذَّب ببكاء الحيِّ)).
[50] زاد في (م): ((النَّهي عن)).
[51] في (م) و(ي): ((النبيُّ)).
[52] في (ص): ((والمشقة)) والمثبت من (م) و(ي).
[53] في (م): ((وأباح في حديث)).
[54] قوله: ((جواز)) ليس في (م).
[55] في (م): ((بدمع العين وحزن القلب وقال)).
[56] في (م): ((فباستحقاقه)).
[57] زاد في (م): ((ودعوى الجاهليَّة)).
[58] قوله: ((بذلك، وأهله يَعُدُّون ذلك من فضائله وهو يعذَّب من أجلها)) ليس في (م).
[59] في (م): ((عن أحدٍ خلافه والله أعلم)).
[60] في (م) و(ي): ((وقعقعاني)).
[61] في (م) و(ي): ((لمواصل)).