شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب حد المرأة على غير زوجها

          ░30▒ بَابُ: إِحْدَادِ المَرْأَةِ على غَيْرِ زَوْجِهَا.
          فيهِ: أمُّ عَطِيَّة: تُوُفِّيَ ابنٌ لها، فَلَمَّا كَانَ اليَوْمُ الثَّالِثُ دَعَتْ بِصُفْرَةٍ فَتَمَسَّحَتْ بِهِ، وَقَالَتْ: نُهِينَا أَنْ نُحِدَّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثٍ إِلَّا بِزَوْجٍ(1). [خ¦1279]
          وفيهِ(2): زَيْنَبُ بِنْتُ أبي سَلَمَةَ قَالَتْ(3): لَمَّا جَاءَ نَعْيُ أبي سُفْيَانَ مِنَ الشَّامِ، دَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ(4) بِصُفْرَةٍ(5)، فَمَسَحَتْ بعَارِضَيْهَا(6) وَذِرَاعَيْهَا، وَقَالَتْ: إِنِّي(7) كُنْتُ عَنْ هَذَا لَغَنِيَّةً، لَوْلا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ(8) صلعم يَقُولُ: (لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ على مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا). [خ¦1280]
          الإحدادُ(9): تركُ المرأةِ الزِّينةَ كلَّها من اللِّباسِ والطِّيبِ والحُلِي والكُحْلِ، وكلَّ ما كان من دواعي الجِمَاع، يُقَال: امرأةٌ حادٌّ ومُحِدٌّ.
          فأباحَ(10) النَّبيُّ صلعم أن تُحِدَّ المرأةُ على غير زوجِها من ذَوِي محارمِها ثلاثةَ أيَّامٍ، لما يغلب من لوعة الحزن ويَهْجُمُ من أليمِ الوَجْدِ، ولم يُوجب ذلك عليها، وهذا(11) مذهب الفقهاء، وحَرَّمَ عليها من الإحداد ما فوق ذلك.
          ومما يدلُّ على أنَّ الإحداد في الثَّلاثة أيَّام(12) على غير الزَّوج غير واجب إجماع العلماء على أنَّ من مات أبوها أو ابنها وكانت ذات زوجٍ، وطالبها زوجها بالجِمَاع في الثَّلاثة الأيَّام الَّتي أُبِيْح لها الإحداد فيها أنَّه يُقْضَى له عليها بالجِمَاع فيها، ونَصَّ التنزيلُ أنَّ الإحداد على ذوات الأزواج أربعة أشهرٍ وعشرًا واجبٌ.


[1] في (م): ((لزوج)). في (ص): ((إلا زوج)).
[2] في (ص): ((فيه)).
[3] قوله: ((قالت)) ليس في (م).
[4] زاد في (م): ((بنت أبي سفيان زوج النَّبيِّ ◙)).
[5] زاد في (م): ((في اليوم السَّادس)). قوله: ((بصفرة)) ليس في (ص).
[6] في (م): ((عارضيها)).
[7] في (ص): ((إن)).
[8] في (ص): ((النبي)).
[9] في (م): ((والإحداد)).
[10] في (م) و(ص): ((وأباح)).
[11] في (ي): ((هذا)).
[12] في (م) و(ص): ((الأيَّام)).