شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الإذن بالجنازة

          ░5▒ بَابُ: الإذْنِ بِالجَنَازَةِ.
          وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: / قَالَ النَّبيُّ صلعم: (أَلَا آذَنْتُمُونِي).
          فيهِ: ابنُ عَبَّاسٍ قَالَ(1): (مَاتَ إِنْسَانٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَعُودُهُ، فَمَاتَ بِاللَّيْلِ(2) فَدَفَنُوهُ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ، فَقَالَ(3): مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي؟ قَالُوا: كَانَ اللَّيلُ وَكَانَتْ ظُلْمَةٌ، فَكَرِهْنَا(4) أَنْ نَشُقَّ عَلَيْكَ، فَأَتَى قَبْرَهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ). [خ¦1247]
          الإذن بالجِنازة والإعلام بها سُنَّة بخلاف قول من كره ذلك، رُوِي عن ابنِ عُمَرَ أنَّه كان إذا مات له ميِّت تَحَيَّنَ غفلة النَّاس، ثمَّ خَرَجَ(5) بجِنَازته. والحُجَّة في السُّنَّة لا فيما خالفها، وقد رُوِي عن ابنِ عُمَرَ في ذلك ما يوافق السُّنَّة، وذلك أنَّه(6) نُعِيَ له(7) رافعُ بنُ خَدِيْجٍ، قال: كيفَ تريدُون أنْ تصنعُوا بِهِ؟ قالُوا: نَحْبِسُهُ حتَّى نُرْسِلَ إلى قُبَاءٍ وإلى قُرَى حولَ المدينةِ ليشهدُوا(8)، قالَ: نِعَمَ ما رأيْتُمْ. وكانَ أبو هريرةَ يمرُّ بالمجالِس فيقولُ: إنَّ أخاكُمْ قدْ ماتَ فاشهدُوا جِنَازته.
          قال المُهَلَّبُ: وهذا الَّذي صَلَّى عليه النَّبيُّ(9) صلعم بعد ما دُفِنَ إنَّما فعله لأنَّه كان يخدم المسجد، وقد روى أبو هريرة في هذا الحديث: ((أنَّ أَسْوَدَ _رَجُلٌ أَوِ امرأةٌ_ كانَ يكونُ في المسجدِ يقمُّهُ فماتَ)). وروى مالك عن ابنِ شِهَابٍ عن أبي أُمَامَةَ بنِ سَهْلِ بنِ حُنَيْفٍ(10): أنَّ مسكينةً مَرِضَتْ، فأُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صلعم بمَرَضِها، وكانَ صلعم يَعُودُ المساكين، فقالَ(11): ((إذا ماتَتْ فآذِنُوني(12)))، فخَرَجَ بجنازتِها ليلًا... وذكرَ الحديثَ، فإنَّما(13) صَلَّى على القبرِ؛ لأنَّه صلعم كانَ وَعَدَ ليُصَلِّي(14) عليه ليكرمَهُ بذلك؛ لإكرامه بيتَ الله ╡ ليحتمل المسلمون من تنزيه المساجد(15) ما ينالون به هذه الفضيلة، وسيأتي اختلاف العلماء في الصَّلاة على القبر بعدما يُدفن في بابه(16) إن شاء الله تعالى [خ¦1337].


[1] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[2] قوله: ((فمات بالليل)) ليس في (م).
[3] في (ص): ((قال)).
[4] في (م): ((كان اللَّيل فكرهنا وكان ظلمة)).
[5] في (م): ((وخرج)).
[6] زاد في (م): ((لما)).
[7] في (م): ((إليه)).
[8] زاد في (م): ((جنازته)).
[9] في (ص): ((الرسول)).
[10] قوله: ((بن حنيف)) ليس في (م).
[11] في المطبوع و(ص): ((وقال)).
[12] زاد في (م): ((بها)).
[13] في (م): ((وإنَّما)).
[14] في (م): ((لأنَّه كان ◙ وعد أن يصلِّي)).
[15] زاد في (م): ((على)).
[16] في (م): ((يدفن بعد هذا)).