شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب موت الفجأة البغتة

          ░95▒ باب: موت الفجأة بغتة.
          فيه: عَائِشَةُ: (أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلعم: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وَأَظُنُّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهَلْ لَهَا أَجْرٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ). [خ¦1388]
          قال المؤلِّف: الافتلات عند العرب: المباغتة، يقول: ماتت بغتة، وإنَّما هو مأخوذ من الفلتة. وروى وكيع عن عبيد الله بن الوليد، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن عائشة قالت: سألت رسول الله عن موت الفجأة، قال(1): ((راحة للمؤمن، وأسف على الفاجر)) والأسف(2) الغضب، ويحتمل أن يكون ذلك _والله أعلم_ لما في موت الفجأة من خوف حرمان الوصيَّة، وترك الإعداد للمعاد، والاغترار بالآمال(3) الكاذبة، والتَّسويف بالتَّوبة.
          وقد رُوي هذا المعنى(4) من حديث يزيد الرَّقَاشِيِّ، عن أنس بن مالك قال: كنَّا نمشي مع الرَّسول(5) صلعم فجاء رجل، فقال: يا رسول الله مات فلان، فقال: ((أليس كان معنا آنفًا))؟ قالوا: بلى، قال: ((سبحان الله، كأنَّه أخذه على غصب، المحروم من حرم وصيَّته)). ذكر هذين الحديثين ابن أبي الدُّنيا في كتاب «ذكر الموت» ورُوي عن عبيد بن عمير قال سمعت ابن عمر يقول: توشك المنايا أن تسبق الوصايا. وروى ابن أبي الدُّنيا(6) قال: حدَّثنا إبراهيم بن إسحاق، قال: حدَّثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدَّثنا يزيد بن كعب الأزديُّ، قال: حدَّثنا ابن(7) كريز عن أنس بن مالك، قال: من أشراط السَّاعة حفز الموت، قيل: يا أبا حمزة، ما(8) حفز الموت؟ قال: موت الفجأة.
          وقوله: (فَهَل(9) لها مِنْ أَجرٍ إنْ تصدَّقتُ عنها؟ قَالَ(10): نعم) هو كقوله ◙: ((ينقطع(11) عمل ابن آدم بعد موته إلَّا من ثلاث: صدقة تجري بعده، أو علم علمه يعمل به بعده(12)، أو ابن صالح يدعو له)).


[1] في (م): ((فقال)). وبعدها في (ص): ((على المؤمن)) والمثبت من (م).
[2] في (م): ((الأسف)).
[3] قوله: ((بالآمال)) زيادة من (م).
[4] قوله: ((هذا المعنى)) زيادة من (م).
[5] في (م): ((النبي)).
[6] قوله: ((في كتاب «ذكر الموت» روي.... ابن أبي الدنيا)) زيادة من (م).
[7] في (م): ((ابن)).
[8] في (م): ((وما)).
[9] في (م): ((هل)).
[10] في (م): ((فقال)). وبعدها فيها: ((هو مثل قوله)).
[11] في (م): ((أينقطع)).
[12] قوله: ((بعده)) زيادة من (م).