شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من انتظر حتى تدفن

          ░58▒ بَابُ: مَنِ انْتَظَرَ حتَّى تُدْفَنَ.
          فيهِ: أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صلعم: (مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حتَّى يُصَلِّيَ فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ، قِيلَ: وَمَا القِيرَاطَانِ؟ قَالَ: مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ). [خ¦1325]
          قد قلنا إنَّ(1) الحديثَ يدلُّ على(2) أنَّه لا يحتاج إلى إذنٍ في الانصراف من الجنازة؛ لأنَّه أخبر صلعم أنَّ من شَهِدَ الصَّلاة فله قِيراطٌ، ومن شَهِدَ الدَّفْنَ فله قِيراطان. /
          فوَكَلَهُ صلعم إلى اختياره أن يرجعَ بقِيراطٍ من الأجر إن أحَبَّ، أو بقِيراطين، فدلَّ(3) على تساوي حُكْمِ انصرافه بعد الصَّلاة وبعد الدَّفْنِ في أنَّه لا إذن عليه لأحدٍ فيه(4)، حين رَدَّ الاختيار إليه في ذلك(5)، هذا مفهوم(6) الحديث.
          وقد أجاز مالكٌ وبعضُ أصحابه لمن شيَّعَ الجنازة(7) أن ينصرف منها قبل أن يُصَلِّيَ عليها، في سماع أَشْهَبَ، قال: سألت مالكًا: هل يَحْمِلُ(8) الرَّجُل الجنازة وينصرف ولا يُصَلِّي عليها؟ قال(9): لا بأس بذلك، إن شاء الله. وروى عنه ابنُ القَاسِمِ أنَّه لا ينصرف قبل الصَّلاة إلَّا لحاجة أو عِلَّة. قال ابنُ القاسِمِ: وذلك واسعٌ لحاجةٍ أو غيرها، وليست بفريضةٍ، يعني(10): إذا بقي من يقوم بها.
          قال(11) ابن حَبِيْبٍ: لا بأس أن يمشي الرَّجُل(12) مع الجنازة ما أحَبَّ، وينصرف عنها(13) قبل أن يُصَلِّيَ عليها. قاله(14) جابرُ بنُ عبدِ اللهِ.


[1] زاد في (م): ((هذا)).
[2] قوله: ((على)) ليس في (ي).
[3] في (م) صورتها: ((يدلُّ)).
[4] في (م): ((لا إذن لأحد عليه فيه)).
[5] في (م): ((رد الاختيار إليه ولم يشرط في ذلك إذن أحد)).
[6] زاد في (م): ((من)).
[7] في (م): ((شيَّع جنازة)). في (ي): ((يشيع الجنازة)).
[8] في (م): ((أن يصلِّي عليها قال أشهب سألت مالكا: أيحمل)).
[9] في (م): ((فقال)).
[10] قوله: ((يعني)) ليس في (م).
[11] في (م): ((وقال)).
[12] قوله: ((الرَّجل)) ليس في (م).
[13] زاد في (م) و(ي): ((إذا شاء)).
[14] في (م): ((وقاله)).