شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة

          ░65▒ بَابُ: قِرَاءةِ فَاتِحَةِ الكِتابِ عَلى الجنَازَةِ.
          وَقَالَ الحَسَنُ: يَقْرَأُ على الطِّفْلِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا سَلَفًا وَفَرَطًا وَأَجْرًا(1).
          وفيه: طَلْحَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْفٍ قَالَ(2): صَلَّيْتُ خَلْفَ ابنِ عَبَّاسٍ على جَنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ، فقَالَ(3): لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ. [خ¦1335]
          واختلف(4) العلماء في القراءة بفاتحة الكتاب على الجنازة، فرُوِيَ عَنِ(5) ابنِ مَسْعُودٍ وابنِ الزُّبَيْرِ وابنِ عبَّاسٍ(6) وعُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ وأبي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ بنِ حُنَيْفٍ أنَّهم كانوا يقرؤون فاتحة الكتاب على ظاهر حديث ابنِ عبَّاسٍ، وهو قول مَكْحُولٍ والحَسَن ِالبَصْرِيِّ، وبه قال الشَّافعيُّ وأحمدُ وإِسْحَاقُ وقالُوا: ألا ترى قول ابن عبَّاسٍ: لتعلموا أنَّها سُنَّةٌ، والصَّاحب إذا قال سُنَّةً فإنَّما يريد سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ صلعم(7).
          وذكر أبو عُبَيْدٍ في «فضائِل القرآنِ» عن مَكْحُولٍ قال: أُمُّ القرآن قراءةٌ ومسألةٌ ودعاءٌ(8). وممَّن كان لا يقرأ على الجنازة ويُنْكِرُ ذلك: عُمَرُ بن الخَطَّابِ وعليُّ بنُ أبي طالبٍ وابن عُمَرَ وأبو هريرةَ، ومن التَّابعين: عَطَاءٌ وطاوسٌ وسَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ وابنُ سِيرِين وسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ والشَّعْبِيُّ والحَكَمُ، وبه قال مالكٌ والثَّوْرِيُّ وأبو حَنِيْفَةَ وأصحابُهُ، قال مالكٌ: الصَّلاة على الجنازة(9) إنَّما هو دعاءٌ، وليس قراءة فاتحة الكتاب مَعْمولًا(10) بها ببلدنا، قال الطَّحَاوِيُّ: يحتمل أن تكون قراءة من قرأ فاتحة الكتاب من الصَّحابة(11) على وجه الدُّعاء لا على وجه / التِّلاوة، وقالوا(12): إنَّها سُنَّةٌ، يحتمل أنَّ الدُّعاء سُنَّةٌ؛ لما رُوِيَ عن جماعةٍ من الصَّحابة والتَّابعين أنَّهم أنكروا ذلك، ولما لم يقرؤوا(13) بعد التَّكبيرة الثَّانية دلَّ(14) أنَّه لا يقرأ فيما قبلها لأنَّ كلَّ تكبيرةٍ قائمةٌ مقام ركعةٍ، ولما لم يتشهَّد في آخرها دلَّ أنَّه(15) لا قراءة فيها.


[1] قوله: ((وأجر)) ليس في (ي) وبعدها في (م): ((فيه)).
[2] قوله: ((قال)) ليس في (م).
[3] في (ي): ((قال)).
[4] في (م): ((اختلف)).
[5] قوله: ((عن)) ليس في (ي).
[6] في (م): ((عن ابن مَسْعُودٍ وابن عَبَّاسٍ وابن الزُّبَيْرِ)).
[7] قوله: ((والصَّاحب إذا قال سُنَّة فإنَّما يُرِيدُ سُنَّة رَسُول الله صلعم)) ليس في (م).
[8] زاد في (م): ((وقال الزُّهريُّ: كان ابن عمر إذا نزل به كربٌ أو همٌ قال: إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين)).
[9] في (م): ((والصلاة على الجنائز)).
[10] في (م): ((بمعمول)).
[11] في (م): ((من قرأ من الصَّحابة فاتحة الكتاب)).
[12] في (م): ((وقوله)).
[13] في (م): ((يقرأ)).
[14] زاد في (م): ((على)).
[15] في (م): ((دلَّ على أنَّ)).