شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من استعد الكفن في زمن النبي فلم ينكر عليه

          ░28▒ بَابُ: مَنِ اسْتَعَدَّ الكَفَنَ في زَمَنِ النَّبيِّ(1) صلعم فَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ.
          فيهِ: سَهْلُ بنُ سَعْدٍ: (أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبيَّ صلعم(2) بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا(3)، قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي، فَجِئْتُ(4) لأكْسُوَكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبيُّ صلعم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَحَسَّنَهَا فُلانٌ، فَقَالَ: اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا، قَالَ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبيُّ صلعم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمْتَ(5) أَنَّهُ لا يَرُدُّ قَالَ: إِنِّي وَاللهِ مَا سَأَلْتُهُ لألْبَسَهُ، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ(6) كَفَنِي. قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ(7)). [خ¦1277]
          فيه من الفِقْه: جواز إعداد(8) الشَّيء قبل وقت(9) الحاجة إليه، وقد حَفَرَ قومٌ من الصَّالحين قبورهم بأيديهم ليمثِّلوا حلول الموت فيهم(10)، وأفضل ما ينظر(11) فيه في وقت المهل وفسحة الأجل الاستعداد(12) للمعاد، وقد قالَ النَّبيُّ صلعم(13): ((أَفْضَلُ المُؤْمِنِيْنَ إِيْمَانًا أَكْثَرُهُمْ للمَوْتِ ذِكْرًا، وأَحْسَنُهُمْ لَهُ استِعْدَادًا)).
          قال المُهَلَّبُ: وفيه قبول السلطان للهديَّة من الفقير وترك(14) مكافأته عليها بخلاف قول من قال: إنَّ هديَّة الفقير للمكافأة. وفيه أنَّه يسأل السُّلطان الفاضل والرَّجُل العالِم(15) الشَّيء الَّذي له القيمة للتَّبرُّك(16) به.


[1] في (ص): ((رسول الله)).
[2] في (م): ((سعد، جاءت امرأة إلى النَّبيِّ صلعم)).
[3] قوله: ((حاشيتها)) ليس واضحًا في (ز) ولعله ((حاشيتاها)) أو ((حاشتاها)). في (ص): ((حاشياها)).
[4] قوله: ((فجئت)) ليس في (م).
[5] قوله: ((وعلمت)) ليس في (ص).
[6] صورتها في (ز): ((ليكون)). في (م): ((قال: والله ما سألتها إلا لتكون كفني)).
[7] قوله: ((قَالَ سَهْلٌ: فَكَانَتْ كَفَنَهُ)) ليس في (م).
[8] في (م) صورتها: ((إعاد)).
[9] قوله: ((وقت)) ليس في المطبوع و(ص).
[10] في (م): ((بهم)).
[11] في (م): ((نظر)).
[12] في (م): ((الإعداد)).
[13] في (ص): ((قال ◙)).
[14] في المطبوع و(ص): ((وفيه ترك)). في (م): ((الهدية من الفقير وترك)).
[15] في (م): ((السُّلطان والرَّجل الكبير)).
[16] في (ي): ((ليتبرَّك)).